Al Jazirah NewsPaper Monday  29/01/2007 G Issue 12541
الريـاضيـة
الأثنين 10 محرم 1428   العدد  12541
سيناريو الموت

* الدمام - سامي اليوسف:

الموت حق، وهو نهاية طريق كل إنسان على وجه هذه البسيطة، ويبقى الإيمان بقضاء الله وقدره واحتساب الأجر والأمر عند الله المعين الأكبر على تحمل المصائب والرضى؛ فلكل أجل كتاب.

وبالأمس كان القدر على موعد مع رجل خدم الرياضة السعودية في كل المحافل بجهد وعطاء لا ينضب وبإخلاص ليضع حداً لمشوار مليء بالإنجازات والنجاحات على كافة الأصعدة.

مَن يعرف عبد الله الدبل يدرك أنه من النوع الذي يحرص على بلوغ أعلى درجات النجاح بإتقان عالٍ، وهذا يولِّد نوع من التوتر سببه الحرص.

وبالأمس تابع الفقيد - رحمه الله - مباراة منتخبنا مع شقيقه الإماراتي في منصة استاد محمد بن زايد، وخرج كغيره من السعوديين في الملعب بنفس الشعور الذي انتابنا جميعاً بسبب الخسارة التي جاءت في الوقت بدل الضائع.

أبو خالد - رحمه الله - كغيره من الغيورين كان يمنِّي النفس بالذهب وإحراز اللقب، وللهزيمة في النفس غصة ومرارة. أبو خالد توجَّه إلى صالون صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب ورئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم في مقرّ إقامته بقصر الإمارات، لكن ألم الخسارة في نفس أبي خالد جعله يعتذر عن الجلوس على مائدة العشاء متعذِّراً بأن المباراة ونتيجتها (سدّت نفسه)، قالها مازحاً رحمه الله، وأضاف: (سأكتفي بالحلى)، ولم يكن يعلم أنه الطبق الأخير الذي كُتب له أن يتذوقه في حياته!.

بعد الانتهاء من تناول العشاء أخذ الجميع يتجاذب أطراف الحديث عن المباراة ما بين منتقدٍ لأداء الأخضر ولأسلوب تعامل السيد ماركوس باكيتا، وبين مؤيِّد للعناصر الشابة التي كسبها الأخضر في البطولة والتمسك بالسيد باكيتا مع محاسبته لتصحيح أخطائه.

في هذه الأثناء لم يكن يعلم الجميع ما يشعر به أبو خالد من ضيق تنفس وإحساس بدوخة، إلى أن أفصح بصوت مسموع عن معاناته بقوله رحمه الله: (حاسس بدوخة). هُرع الجميع إليه طالبين منه الراحة والتنفيس عنه بفتح أزرار ثوبه وإعطائه كوباً من الماء ليشرب. بينما طُلب من أعضاء العيادة الطبية التي وفَّرتها اللجنة المنظمة بالفندق ضرورة التواجد على وجه السرعة.

زادت الأمور سوءاً، فقال: (زادت علي الدوخة)، لم يكمل رحمه الله جملته إلا وسقطت رقبته للخلف بشكل استفزّ الجميع. هُرع الكل في طلب الإسعاف، ومع زحمة المرور في كورنيش أبو ظبي الذي كان يعجّ بسيارات الفرح الإماراتية بمناسبة الفوز أصبح من الاستحالة بمكان الوصول إلى مستشفى خليفة بن زايد في الوقت المحدّد لتسوء الحالة ويزداد الخوف وتتسارع النبضات ودقات القلوب، فيما كان أبو خالد في النزع الأخير لفيض روحه الطاهرة إلى بارئها في سيارة الإسعاف قبيل الوصول إلى المستشفى وتتأكد حالة الوفاة عند الوصول من قبل الأطباء.

{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.. دقّت ساعة الموت فلا راد لقضاء الله، وحانت ساعة الوداع فلا مجال للأعذار، ولكنها منية فخر وعزة بمشيئة الله عندما تكون في سبيل مهمة وطنية.

لقد أفجعنا رحيلك أبا خالد، لكنك رحلت ولن ترحل ذكراك العطرة.. رحم الله عبد الله بن خالد الدبل، وغفر له، وأسكنه فسيح جناته، وألهمنا وذويه الصبر والسلوان.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد