Al Jazirah NewsPaper Monday  29/01/2007 G Issue 12541
الريـاضيـة
الأثنين 10 محرم 1428   العدد  12541
الدبل كما عرفته
سلطان المهوس

أمر محزن بلا شك أن يفقد الإنسان منا قريباً أو عزيزاً عليه، لكن الأمر يكون أشد حزناً وألماً ووقعاً إذا فقد الوطن كله إنساناً قضى جل حياته العملية في خدمة وطنه ومليكه بكل إخلاص وحب وثبات دون كلل أو ملل.

- ولأنه الموت الذي كتبه الله - سبحانه وتعالى - علينا كبشر؛ فإنه اختار أحد رجالات الوطن المرموقين كقدر محتوم ومسلم به؛ فكان خبر وفاة الأستاذ عبدالله بن خالد الدبل - رحمه الله - فاجعة للجميع من مختلف الأوساط الرياضية والاجتماعية والاقتصادية.

- عرفته - رحمه الله - منذ سبع سنوات كان فيها نعم الأخ والناصح والمحترم الذي لا يمكن أن يتردد، ولو للحظة واحدة، في خدمة أي مواطن سعودي على الصعيد الرياضي، مستغلاً علاقاته الواسعة بالاتحادات القارية والاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).

- خلال سبع سنوات مضت وجدت فيها عبدالله الدبل - رحمه الله - قمة في كل شيء يفيض حباً واعتزازاً وتقديراً لكافة الأطياف الرياضية دون استثناء، وتزداد صورة ذلك وضوحاً وإشراقاً في المناسبات الدولية والخارجية، حتى على حساب صحته أو وقت إجازته.

- في السنوات الثلاث الأخيرة زادت أواصر علاقتي بالدبل - رحمه الله -؛ فلم يكن يمرّ أسبوع دون أن يحادثني أو أحادثه، سواء على الصعيد الإعلامي أو غيره. وطوال علاقتي معه لم أسمع منه سوى كل كلام طيب ومحترم، حتى مع الذين يختلف معهم؛ إذ إن أهم صفة كان يتصف بها المغفور له - بإذن الله - الصراحة والوضوح وعدم المواربة وتباين المواقف؛ فعاش صادقاً ومات صادقاً.

- قبل عدة أشهر كان - رحمه الله - في إجازة مع عائلته فاتصلت للاطمئنان عليه؛ فأخبرني بأنه مشغول بمتابعة تسجيل لاعب نادي الهلال الليبي طارق التايب وقضية نادي الرياض مع الفيفا!!

- وبعد ختام حفل توزيع الجوائز الآسيوية الذي أقيم مؤخراً في أبو ظبي رفض رفضاً أن يغادر ثلاثة من جماهير نادي الهلال إلى السعودية؛ حيث كان خائفاً عليهم من خطورة القيادة أثناء الليل، على اعتبار أنهم متعبون، وأمر المسؤول عن الضيافة بحجز ثلاث غرف لهم في فندق قصر الإمارات أحد أفخم الفنادق في الشرق الأوسط.

- بعد نهائي دوري أبطال آسيا كان - رحمه الله - ممثلاً للاتحاد الآسيوي يتسلم كأس البطولة في سوريا بجانب الرئيس بشار الأسد. هاتفته مباركاً له نجاح البطولة، فقال لي: هذه لحظة من أروع لحظات حياتي أن أقف كسعودي بجوار رئيس دولة في ختام آسيوي كبير. وهذا يعني الكثير، ويبرهن للجميع أن الطاقات الإدارية السعودية لا يمكن إلا أن تعانق النجاح بفضل الله.

- في مناسبات عديدة خارجية كان حرصه على الوفود السعودية أكثر من حرصه على نفسه؛ فقد كنا كإعلاميين محسودين بمتابعته لنا وتسهيله لكافة مهامنا، وكان ينزعج كثيراً إذا عرف أن هناك إشكالية لأحد منا ولم يخبره بها.

- لم يقل (لا) لأي رياضي سعودي، بل كان يرحب بتواضع لا مثيل له بحل ومساعدة أي رياضي، حتى لو كان ذلك على حساب صحته وعائلته.

- آخر مرة التقيته كانت بمناسبة زواج نجله (خالد) في فندق (المريديان) بالخبر. كان الوسط الرياضي من آسيا والخليج والسعودية يعج في أرجاء الفندق دليلاً صادقاً على حب الجميع لهذا الرجل الذي لا يمكن لأي كائن من كان يتعرف عليه إلا أن يحبه ويحترمه ويقدره ويعتز برجولته.

- رحمك الله يا أبا خالد؛ فقد كنت رجلاً مسلماً ملتزماً شامخاً ناصع البياض مجسداً لأروع صور المواطنة الحقة، وفقدانك اليوم هو بمثابة الخسارة الكبرى لنا كمجتمع سعودي، ولأنك من الرجال الذين كانوا قريبين من ربهم، وحريصين على دينهم، والغيورين على بلدهم، فإن داراً أخرى أوسع وأجمل تنتظرك بإذن الله.

- لعائلة الفقيد أقول: الموت هو حق مكتوب على جبين كل مسلم، وأسأل الله - عز وجل - أن يوسع مدخله، ويغفر ذنبه، وينقيه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأن يحشره مع الشهداء والصديقين؛ إنه سميع مجيب.

- رحل صاحب القلب الأبيض، وآمل أن لا تتوقف ألسنتنا عن الدعاء له كلما حلت ذكراه؛ فهو بأمس الحاجة إلى دعائنا.

- رحمك الله رحمة واسعة أيها الرجل الطيب، وعذراً لأني لم أتكلم عن أعماله الإنسانية؛ لأنه كان يحتاط كثيراً في حياته؛ لكيلا يعرف أحد عنها؛ حيث يحرص على أن يكون ذلك بينه وبين ربه.

- {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«6874» ثم أرسلها إلى الكود 82244


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد