بشفافية متناهية أجاب الملك عبدالله بن عبدالعزيز على أسئلة رئيس تحرير جريدة السياسة الكويتية الأستاذ أحمد الجار الله، ووضع العالم أجمع أمام سياسات المملكة الثابتة، الداخلية منها والخارجية، بل إنه حفظه الله، لم يتردد في ذكر جزء مما قاله لمسؤول الملف النووي الإيراني علي لاريجاني، تأكيدا على وضوح سياسة المملكة ومباحثاتها، وأنها تلتزم تطابق كل ما يصدر عنها من أقوال وتصريحات، لمجريات المباحثات الثنائية المغلقة، كما أنها تلتزم في الوقت نفسه تطبيق بنود الاتفاقيات المشتركة على أرض الواقع، وتنأى بنفسها عن التدخل في شؤون الآخرين.
أكد حفظه الله، على أن (سياسة قادة المملكة العربية السعودية اتسمت منذ تأسيس المملكة بالحكمة والنجاح، وخاصة السياسات الخارجية، وبموجب هذا كله كان القادة السعوديون منذ كانوا وكانت الدولة السعودية يعرفون حدودهم في التعامل مع الدول شرقا وغرباً ويقفون عندها).
لن أخوض كثيرا في الجوانب السياسية لحديث الملك عبدالله، على رغم أهميتها القصوى، وسأتجاوزها إلى الشأن الداخلي، الذي لا يمكن له أن يغيب عن قلب المليك وتفكيره، فقد أوجز -حفظه الله- خطة العمل الملكي الكريم بقوله: ( المرحلة الراهنة بالنسبة لي هي مرحلة تطوير أداء النظام والأداء الحكومي وإجراء توزيع عادل للثروة بحيث تصل إلى القاصي والداني ويعم خيرها كل أرجاء وطننا دون تركيز على هذه المنطقة أو تلك أو محاباة لأن الكل عندنا سواء). كلمات صادقة تطابقت مع مجريات الأعمال التي حفلت بها السنة الأولى لتوليه مقاليد الحكم في البلاد. قرارات تنظيمية، وتطويرية، ومشاريع عملاقة وزعت على مناطق المملكة بالتساوي من أجل تحقيق أمنيات الملك العادل خلال سنة حكمه الأولى. يجب أن تكون كلمات الملك عبدالله إستراتيجية واضحة للوزراء والمسؤولين عن الشأن العام، فالأماني العظام تحتاج إلى فريق العمل الناجح الذي ينفذ تطلعات القائد ويسعى إلى تحقيقها في أقصر مدة زمنية ممكنة.
ولعلي أشير هنا إلى أمنية المليك الخاصة فيما يتعلق بمشروعات الفقر، وتنمية المناطق النائية الفقيرة التي تحتاج إلى تسارع ورش العمل فيها قبل سواها من المناطق، وهي المشروعات التي شدد، حفظه الله، على التعجيل بتنفيذها. قطعا هي مسؤولية الوزراء وأمراء المناطق، الذين نعول عليهم الكثير في إنجاز الجزء الأكبر من مشروعات مكافحة الفقر، وتنمية المناطق الفقيرة خلال العام الحالي. ففرحة المليك لن تكتمل إلا باكتمال فرحة المواطن الفقير واكتمال رغباته، التي قال عنها -حفظه الله- (شعبنا السعودي شعب وفيّ وطيب وأنا أعايش أوضاعه بمتعة وبرغبة كبيرتين وحريص على أن أحقق له رغباته حتى وإن أرهقت النفس والجسد، وإلى ذلك فإن لكل واحد من قادة بلادنا السابقين واللاحقين بصمات في تاريخ هذه المملكة. وبمشيئة الله لن أكون أقل من الذين سبقوني في خدمة البلاد، وهذه الأمة من آبائنا وأجدادنا). وقوله (أما راحتي أنا الشخصية فأجدها بين أبناء بلدي وإجازتي أقضيها في المكان الذي يكونون فيه وأشعر أنهم بمحبتهم حملوني مسؤولية كبيرة لن أنوء تحت أحمالها. إني على ثقة بأن الأيام المقبلة ستحمل الخير لبلدنا وستحمل الكثير من الإنجازات التي سأسارع إلى تحقيقها... أمامنا إنجازات كثيرة تم الإعلان عنها وبدأ تنفيذها).
لا أرهق الله الكريم لك نفسا، ولا جسدا، فمن سعى إلى إسعاد شعبه، وتقديم رغباتهم على صحته ونفسه ابتغاء مرضاة ربه، وفقه الله إلى خيري الدنيا والآخرة.. نسأل الله لخادم الحرمين الشريفين التوفيق والسداد وأن يمتعه بالصحة والعافية التي تعينه على خدمة دينه، ثم وطنه وشعبه.
f.albuainain@hotmail.com