عرفت الشيخ عبدالله بن محمد بن رداس من خلال مجموع (شاعرات من البادية) وهي مجموعة كبيرة حفظت شعر النبط الذي أبدع فيه شاعرات من الجزيرة العربية منذ القدم؛ ونال الكتاب ثناء المتخصصين في ذلك الشأن.
وقد عمل الشيخ عبدالله في أول شبابه ناسخ آلة كاتبة؛ وكانت الآلات يومها من النوع الذي كان في بداياته؛ أي أن الطابع لابد أن يضع ما يُسمّى (كربون) وهو ورق أزرق أو أحمر لتظهر الصورة المطلوبة للخطاب المطبوع؛ وقد ذكر لي قصته عندما كان يطبع أوراقاً لمديره في حي الصالحية؛ وكان للآلة صوت مزعج حتى أن الزائرة لزوجة مديره عندما دخلت مع المدخل الوحيد للبيت قد سمعها تقول (وش ذا الطقطقة بمجلسكم يا كافي؟!!) وكانت البيوت سابقاً لا تتجاوز العشرة أمتار في مثلها؛ والمجلس على اليد اليسار في البيت ولا يكون لأكثر البيوت مدخل سوى مدخل واحد صغير.
عاصر الشيخ عبدالله بن رداس (أطال الله في عمره) الملك عبدالعزيز والملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد؛ رحمهم الله جميعاً؛ ولا زال نشيط الذاكرة وحاضر البديهة ولا تمل من مجلسه لأنه يعيدك إلى أمهات الكتب الأدبية ويعرف أسماءها ومصنّفيها وكذا تحليل اتجاهات المصنّفين وتقريضهم بكثير من التعقل والفهم الجيد للحركة الفكرية سابقاً ولاحقاً.
أبو محمد عبدالله بن رداس رجل يحب الرجال الذين إذا جلسوا معه سموا بالمجلس إلى أخلاق الرجال؛ فهو يحرص على الأدباء والمفكرين والباحثين في التاريخ وغيره؛ فلا تمل من مجلسه أبداً مهما طال بك المكوث؛ وهو ذواقة للشعر النبطي ويعرف جيّده من رديئه؛ لكنه يميل إلى الشعر العربي الفصيح.
كان يعمل في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية؛ فاستفاد من تلك الفترة؛ ورحل كثيراً في أرجاء المملكة في السبعينيات والثمانينيات الهجرية؛ وهي فترة لم يكن لتدوين الرحلات يومها شأن؛ فكان يدوّن رحلته في ذلك الوقت؛ لكن تدوينه كان في ورقات متفرقة في أماكن من سكنه في الرياض وعرجاء (تقع قبل المدينة المنورة على طريق القصيم) وغيرها بحكم تنقله؛ وقد أشار الأستاذ يوسف العتيق إلى رحلته تلك وطلب منه تدوينها وحفظها من الضياع؛ وأضم صوتي إلى صوت الأستاذ يوسف في ذلك الشأن؛ فالرحلة تحتاج إلى عناية وترتيب جيّدين وكذا إضافة صور تشرح المواقع والأماكن بوجه عام؛ خاصة وأن الكمبيوتر أصبح أسهل من الآلة التي كانت (تطقطق) أيام شباب الشيخ أبي محمد؛ وأكرر رجائي له بالاهتمام بها ليراها ويستفيد منها جميع المهتمين بالتاريخ والرحلات وخصوصاً الباحثين الشباب.
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS
تبدأ برقم الكاتب«7257» ثم أرسلها إلى الكود 82244
فاكس: 2372911