بالتأكيد كانت إطلالة مدافع أهلي الرياض ومنتخب الوسطى سابقاً العملاق (عبد العزيز بن حمد) عبر برنامج سيرة الذي تعرضه القناة الرياضية أسبوعياً.. كانت جميلة ورائعة باعتبار أنه شكل أحد عناصر الرعيل الأول لمدرسة الوسطى في حقبة الثمانينيات الهجرية، وأحد نجومها الذهبيين ضمن جيل مبارك الناصر وعبود بن رويجح وناصر بن سيف وجوهر السعيد وطارق التميمي، وبقية الأسماء الرنانة التي كانت تعج بهم الخارطة الحمراء في تلك الحقبة الفارطة.
ورغم ظهور الخلوق (ابن حمد) عبر الهواء بعد غيبة طويلة امتدت لأكثر من ثلاثة عقود زمنية جاء هذا الظهور المفاجىء.. ليعيد لنا ذكريات رائعة وأياما جميلة تجلت في تلك الأيام الخوالي برئاسة رمز المدرسة الراحل الشيخ محمد الصائغ -رحمه الله-.. إلا أن معد ومقدم البرنامج واصل إخفاقاته في أسلوب إدارة فن الحوار التاريخي مع الضيوف المرصعين بالمعلومات الثرية لأن مثل تلك النماذج العملاقة التي خدمت الحركة الرياضية بالمملكة بلاشك تحتاج لمهنية عالية واحترافية لاستنطاق واستخراج ما في جعبتهم من محصلة معلوماتية تهم المشاهد وتثريه تاريخياً وثقافياً.
فعندما تطرق ابن حمد على الشخصيات الرياضية والرموز التي خدمت مدرسة الوسطى ومنهم أبو عبد الله الصائغ.. بادر (المذيع) ضيفه بسؤال عن الشيخ صالح ظفران وكأنه - أي المذيع - يعتقد أن ظفران من الرواد الذين خدموا أهلي الرياض.. والصحيح أن ظفران كان يعد من الرموز الثلاثة الذين ساهموا في تأسيس وبناء نادي الشباب في عقد الستينيات الهجرية من القرن الفارط مع الشيخ عبد الرحمن بن سعيد -أطال الله عمره- والشيخ عبد الله بن أحمد -رحمه الله-.. وكان أي - ظفران - أول من اختار للشباب شعاره السابق (الأخضر والأبيض) قبل استبداله بشعاره الحالي الأسود والأبيض حيث لم يكن له صلة نهائية بأهلي الرياض.ومن الأخطاء التي وقع بها أيضاً (المذيع) عندما عرض المخرج المتألق (سامي السعيد) صورة قديمة لأفراد فريق أهلي الرياض، وكان من ضمن اللاعبين الحارس الكبير حامد نقادي، فبدأ الضيف يعدد أسماءهم من خلال الصورة المباشرة، وبعد أن توقف عند الحارس حامد نقادي أشار إليه ابن حمد وهو يردد -رحمه الله- والمذيع يكرر معه- رحمه الله-.. والصحيح أن نقادي ما زال حياً يرزق، ولم يتوف بل دفنوه وهو حي.. وإن كان الضيف قد خانته ذاكرته.. كان من المفترض على المعد والمذيع أن يتأكد من ذلك قبل دفن اللاعب وهو حي!!
كذلك عندما تناولا سيرة الرمز الراحل أبو عبد الله الصائغ أكد ابن حمد أنه يتحدى أن يكون هناك شخصية رياضية مثل الصائغ خدمت رياضة المنطقة وسط صمت من المذيع.. ويبدو أن (ابن حمد) سقط في امتحان الرموز عندما تجاهل دور وعمل الشيخ عبد الرحمن بن سعيد (رائد الرياضة الأول بالمنطقة الوسطى) ورمزها الكبير الذي خدم حركتها، وهي في مهدها، وقدم الشيء الكثير والكثير وترك بصمات واضحة على خارطة الرياضة بالمنطقة الوسطى.. فأبو مساعد أسس أعظم ناديين بالوسطى هما الشباب والهلال، ودعم بقية أندية المنطقة بما فيها المنافس التقليدي (النصر) وامتد دعمه وسخاؤه واهتمامه لأندية خارج المنطقة الوسطى، ولعل أبرزهم النادي الأهلي بجدة عندما نجح ابن سعيد في حفظ أركانه بعدما كاد ينحل عام 1378 - 1379، ويدلف عالم الضياع والتشتات لولا الوقفة البطولية من رائد رياضة الوسطى وبشهادة باني الأمجاد الأهلاوية الأمير عبد الله الفيصل -أطال الله عمره- الذي كان يقدر أبا مساعد كثيراً.. فإن كان (ابن حمد) تناسى دور وتضحيات ابن سعيد ما كان يفترض من المذيع الصمت الرهيب، وعدم تصحيح هذا الخطأ الكبير في ظل تجاهل رجل عظيم حفر اسمه في ذاكرة التاريخ الرياضي مثل (عبد الرحمن بن سعيد).
ثمة أمر آخر يكشف خطأ تاريخيا في هذه الحلقة حينما عرضت صورة تاريخية لأفراد منتخب المملكة الأول يتوسطهم جلالة الملك فيصل -رحمه الله-.. علق الضيف على هذه الصورة ومناسبتها حيث قال: إن مناسبتها بعد نهاية مباراة منتخب المملكة مع تونس (ودياً) في ملعب الصائغ بالرياض عام 1387 وانتهى لصالح منتخب المملكة بأربعة أهداف تشرفنا بالسلام على جلالة الملك فيصل، وقد ذكر ابن حمد أن الأمير خالد الفيصل مدير عام رعاية الشباب آنذاك زارنا قبل المباراة بيومين ووعدنا في حالة فوزنا أنه سيعطي كل لاعب ساعة رادوا و500 ريال، وأكد أننا سنقوم بزيارة للملك فيصل للسلام عليه.. والصحيح.
وكما أشار أسطورة أهلي الرياض ونجمه الفذ مبارك الناصر في لقاء سابق أجريته معه عبر صفحة (نجوم في ذاكرة التاريخ) أن الأمير خالد الفيصل قام بعد نهاية المباراة بزيارة اللاعبين في غرفة الملابس، وكان سعيداً بالفوز وطلب منهم عن أمنيتهم فبادره مبارك الناصر قائلاً: (طال عمرك نبغى نزور جلالة الملك فيصل للسلام عليه).. وبالفعل تمت هذه الزيارة التاريخية التي كان صاحب فكرتها الأسطورة مبارك الناصر.وأخيراً كان مداخلة الشيخ ناصر بن عمير (68 عاماً) أبرز حدث باعتبار أنه كان أحد الشخصيات الرياضية البارزة التي خدمت مدرسة الوسطى، وممن ترأسوا رئاسة الأهلي بعد رحيل الصائغ مباشرة، وذلك في أواخر الثمانينيات الهجرية لاسيما وأنه أي - ابن عمير - كان تربطه بالرمز الراحل علاقة قوية وخاصة، بيد أنه وللأسف أن المعد والمذيع لم ينجح في استثمار هذه المداخلة المهمة لتسليط الضوء على قصة وفاة الصائغ، وكيف قبل ابن عمير الرئاسة بعد رحيل رجل بقامة ومكانة وحجم أبو عبد الله-رحمه الله- ولكن هذه المداخلة كانت في حدود دقيقة تقريباً تحدث فيها عن ضيف الحلقة فقط وكأنه برنامج تهان وليس وثائقيا!!