Al Jazirah NewsPaper Thursday  11/01/2007 G Issue 12523
محليــات
الخميس 22 ذو الحجة 1427   العدد  12523
لما هو آتً
لكِ وحدك...
د. خيرية إبراهيم السقاف

تدرين ما فعلت بي صديقتي القريبة د. سوزان مداح اليوم يا نوارة؟...

عبأت صندوقي بجبال من الثلج الأبيض وأشاعت فيه أبخرة الصقيع...

لست على حال يؤهلني لمزيد من التجمد يا سوزان... فقد أشاعت الأحداث والمتغيرات من حولنا ريحاً زمهريرية عصفت بدفء النفوس، وقوضت قصور الأحلام...

فحيث تستقر نفوس البشر بما أتيح للحياة من منجزات النمو والرقي والعلم والتقدم؛ حيث تضطرب المراكب بالمسلمين وتعصف بهم النكبات وتسد منافذ السعادة عليهم، ويحاصرون بالحقد والكيد والحروب، ويعانون من الفقر والجهل والمرض...

وحيث يعرف الآخرون دروبهم فإن المسلمين والعرب يسلمون مفاتيح بوابات دروبهم لمن يقودهم للمهالك ويردي بهم للتهلكة... ألا يشيع ذلك في أنسجة حياتهم الجمود والبرودة والصقيع؟؟؟

لا أدري يا نوارة.. كيف مزجت بين الذي زجت به في صندوقي سوزان وبين واقع الحياة؟

سوزان تنبهني بموجة البرد القاتل التي وصفها الفلكي وهو يتوقع للأيام القادمة للرياض بزمهرير لا تتجه معه الشمس لمكامن الدفء بل تهرب منه...

لنواجه الثلج والبرد والعواصف الفلكية التي لا تقوى عليها أجسادنا التي لم تعرف التدفئة في البيوت... ولا الحصانة من هجماتها...

تذكرتك نوارة حين كانت الرياض في الصغر طفلة البرد التي نلهو بمسطحات صقيعها في المدرسة، ونتحول بملابسنا الكثيفة كالدمى، نتقافز برداً وتصطك أسناننا رهبة من قشعريرة الشتاء، وأنت من يصنع لنا ألواناً من الحساء الساخن في النهار والمشروب الدافىء في الليل...

تدرين نوارة أنني لست مثلك؛ فأمومتي تعجز أن تضاهي أمومتك...

سوزان جعلتني أواجه نفسي بهذه الحقيقة...

فمن سيعد الأكواب الدافئة لصغاري في المساء...؟

ومن سيصنع الآنيات الساخنة لهم في النهار...؟

أيام زمهريرية قادمة... هكذا تقول رسالة سوزان...

سأطلب إليها نوارة أن تعبّئ تلك الأواني والأكواب، كما عبأت الصندوق...

تلك معادلة أراها تتناسب وهذا الصقيع الذي أشاعته صديقتي القريبة...

بمثل هذا الزمهرير الذي نعيش فيه...

لك الدفء نوارة ما دمت في كنف الإله...

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5852» ثم أرسلها إلى الكود 82244


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد