Al Jazirah NewsPaper Thursday  11/01/2007 G Issue 12523
الاقتصادية
الخميس 22 ذو الحجة 1427   العدد  12523
رأي اقتصادي
هل نحتاج إلى تقييم أكاديمي حتى تعرف جامعاتنا قدراتها؟!
د. محمد اليماني

ما أن اطلع البعض على التصنيف الأخير للجامعات حتى انهالوا عليه بتهم التحيُّز وعدم الموضوعية وبتعمُّد الحط من شأن جامعاتنا المحلية وكأنها المقصودة بهذا التقييم.. وربما انقلب الأمر إلى الضد لو وضعت في مرتبة متقدمة وتحوَّل النقد إلى مديح وإشادة بقوة هذا التصنيف واحترامه في الأوساط الأكاديمية العالمية.

إن مشكلة التعليم الجامعي أوضح من الشمس في رابعة النهار ولا تحتاج إلى من يجليها، وكان الأولى بنا أن نتساءل عن موقع جامعاتنا فيما لو اعتمد التصنيف معايير أكثر صرامة.. ولن نحتاج إلى كثير من العناء للوصول إلى هذه المعايير وتطبيقها على واقع الجامعات المحلية، وبذلك نكون قد طبّقنا المثل السائر (ما حك جلدك مثل ظفرك).

وللتدليل على حجم وطبيعة المشكلة لدينا يُمكن التساؤل - على سبيل المثال لا الحصر - عن عدد مراكز البحث في كل قسم علمي وليس في كل كلية أو جامعة، وكذا عن عدد المجلات العلمية المحكمة في كل مركز، وعن نوعية وكمية الأبحاث التي تُنشر لأعضاء هيئة التدريس، وعن مساهمة الجامعات في إقامة المؤتمرات والندوات واللقاءات العلمية، وعن مدى تفاعلها على مستوى مؤسسي - وليس على المستوى الشخصي لمنسوبيها - مع قضايا المجتمع ومشاكله، وعن كيفية تأهيل المعيدين والمحاضرين ومستواه في بعض الأقسام العلمية، وعن الكيفية التي يتم بواسطتها تحديد احتياجاتها منهم ومن أعضاء هيئة التدريس التي لا تختلف كثيراً عن تحديد احتياجات أي مدرسة ابتدائية إذ المعيار في كلا الحالتين هو العبء التدريسي ولا شيء غير ذلك.. هذا فضلاً عن مستوى المكتبات الجامعية ومدى توافر المراجع والدوريات وطبيعة الخدمات التي تقدمها للمستفيدين من داخل الجامعة وخارجها، ولا ننسى أوقات عملها والإجازات التي تغلق أبوابها خلالها والتي أصبحت مثاراً للتندُّر.

أما إذا أتينا على الإنترنت ومواقع الجامعات فيها فما على المرء إلا أن يقارنها بمواقع الجامعات العادية في الدول المحيطة بنا حتى يعرف البون الشاسع بين الاثنين من حيث الشكل والمضمون والخدمات الموفرة.

لقد استطاع عدد من الدول المجاورة أن تُوجد لها مزية تنافسية في التعليم العالي مكَّنتها من استقطاب الطلاب والطالبات الأجانب، وأصبح يشكل أحد القطاعات ذات الأهمية النسبية المرتفعة في الناتج المحلي الإجمالي، علاوة على آثاره الإيجابية المباشرة وغير المباشرة الإنتاجية المختلفة.

يبدأ حل المشكلة لدينا بتقبُّل النقد بصدر رحب والاستعداد للاستفادة منه، ثم بتصحيح النظرة إلى وظيفة الجامعات في المجتمع وفي عمليتي النمو والتنمية وفي كونها الواجهة العلمية والثقافية الحقيقية له.. وينبني على ذلك إحداث تغيُّر شامل في أساليب وآليات التعامل معها ومع أساتذتها، ومع ما يُفترض أن يُتاح لها ولهم من مقدرات وإمكانات.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد