تعتزم لجنة العفو وإصلاح ذات البين بإمارة منطقة مكة المكرمة تنفيذ مشروع (بيت الرحمة)، وهو كما يقول فضيلة الدكتور ناصر بن مسفر الزهراني الرئيس التنفيذي للجنة العفو وإصلاح ذات البين بإمارة منطقة مكة المكرمة مشروع إنساني عظيم تهدف اللجنة من خلاله إلى جمع شتات الأسر التي أضرمت فيها نيران الفتنة وأحرقت كل حبال الوصل والمودة بين الأب والأم، فانتهى بها الأمر إلى الطلاق وأضحى أطفالهما الأبرياء ضحية لهذا الانفصال والشتات. ولم يتوقف الأمر بأن يعيش الطفل بعيداً عن أمه أو أبيه، بل - وفي حالات كثيرة - تنكأ جراحاته، وتتضاعف معاناته في كل مرة يحدد له موعد ليرتشف فيه من حنان أمه، أو عطف أبيه بعد البين والفراق. ولوعة الاشتياق..
وما ذلك إلا لما تغلف به تلك اللقاءات - التي تتم عادة عن طريق الأقسام الأمنية - من مشاعر البؤس والخوف بسبب انعدام الثقة بين الأب والأم، وما قد يكون من شك وتردد من أحدهما خشية عدم وفاء الطرف الآخر بما تم الاتفاق عليه، من أسلوب اللقاء بالأطفال وإعادتهم في الوقت المحدد، فضلاً عن عدم توفر الحد الأدنى من الاحترام المتبادل بينهما ولو على الأقل أمام أطفالهما. وما قد يصاحب ذلك من مشاحنات، وتبادل للاتهامات، أو تحريض للأطفال ضد الطرف الآخر.. فتتوتر العلاقات، وتتعكر الأجواء، وتنعكس آثار ذلك على الأطفال وسلوكياتهم حيث يكونون في مشاهد تتفطر لها القلوب، وتشفق عليها النفوس - وقد حدث ذلك في كثير من المواقف التي مرت على أعضاء اللجنة في عدد غير قليل من القضايا الأسرية والعائلية التي سعوا فيه بالصلح - ناهيك عما يكون لذلك من آثار وأضرار نفسية واجتماعية على هؤلاء الأطفال في المستقبل، ولجنة العفو وإصلاح ذات البين، إذ تبادر إلى تنفيذ فكرة هذا المشروع (بيت الرحمة) فإنها في الواقع تعكس ما جبل عليه حكام وأبناء هذا الوطن العظيم من حب للخير والعطاء، وحرص على التكاتف والتآلف في ظل قيادة ملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله. وأشار فضيلته إلى أن فكرة هذا المشروع تقوم على إيجاد مقر مناسب يمثل بيئة مناسبة ودوحة وارفة تتم فيها هذه اللقاءات التي تجمع الآباء والأمهات بفلذات أكبادهم الذين فقدوا الرعاية الحانية والبسمة الصادقة من جهة الأب أو الأم بسبب الطلاق، ولم يتيسر لهم اللقاء بهما في ظروف مثالية، فحرموا الحد الأدنى من الشعور بالحب والحنان. والعطف والاستقرار، وحرموا من الأبوين المتفاهمين المجتمعين والمتفقين على العناية بأولادهما وحسن رعايتهم حتى يكبروا ويستطيعوا الاعتماد على أنفسهم.
وذكر بأن هناك العديد من البرامج الهادفة التي سيتم تنفيذها في هذا المشروع، ومنها برامج تربوية وترفيهية لهؤلاء الأطفال، بالإضافة إلى برامج توعوية للآباء والأمهات تهدف إلى قامة جسر من التفاهم والتعاون بين الأب والأم المنفصلين، وفق الضوابط الشرعية. لبحث كل ما يتعلق بمصلحة أطفالهما ومتابعة مستوياتهم الدراسية ومشكلاتهم السلوكية، وما يحتاجون إليه من تشجيع وتوجيه. وتهيئة أجواء ملائمة من الرعاية المنسقة تنأى بهم عن مسالك الانحراف والجريمة، وتضمن لهم بمشيئة الله تعالى نشأة صالحة سوية.وقال فضيلة الدكتور ناصر بن مسفر الزهراني إن فكرة هذا المشروع قد حظيت بتأييد كبير واهتمام بالغ من سمو أمير المنطقة الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز حفظه الله، حيث وجه إلى بذل قصارى الجهد لسرعة التنفيذ وتهيئة المقر المناسب له وتوفير كل المستلزمات الضرورية لتفعيله.. وذكر أن عدداً من رجال الأعمال والمقتدرين قد أظهروا حماساً كبيراً لفكرة المشروع، وأبدوا استعدادهم للدعم وتغطية تكاليف إيجار المقر، وتأمين ما يحتاج إليه من تجهيزات ومستلزمات.
وأشار إلى أن عدداً من المربيات المتخصصات في مجال رعاية وحضانة الأطفال سيعملن بهذا المشروع بإشراف فريق مؤهل من أهل الخير والصلاح، كما سيتم اتخاذ عدد من الإجراءات التنظيمية والترتيبات بالتنسيق مع عدد من الجهات المعنية لتحقيق أهداف هذا المشروع على الوجه المطلوب بإذن الله تعالى، ونوه فضيلته بما تلقاه لجنة العفو وإصلاح ذات البين من اهتمام مستمر ودعم كبير من سمو الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة مكة المكرمة رئيس المجلس الأعلى للجنة، داعياً الله عز وجل أن يجعل ذلك في موازين حسناته، وأن يوفق الجميع لما فيه الخير والصلاح وكذلك من سعادة وكيل الإمارة الأستاذ عبدالله بن داود الفايز.