Al Jazirah NewsPaper Wednesday  10/01/2007 G Issue 12522
محليــات
الاربعاء 21 ذو الحجة 1427   العدد  12522
لما هو آتً
هل تحصد وأنت تُحصِي؟!
د. خيرية إبراهيم السقاف

كم نصيبك من الكذب في اليوم الواحد؟

وحدك من تدري، ووحدك من تعلم، ووحدك من كذبت أو تكذب!!

يخيَّل إليّ أن الإنسان بطبعه لا يرضى أن يوسم بشيء من الكذب، لكنّه وهو يكذب يُلبس كذبه صفات كثيرة تماماً كما تخفي المرأة عيوب بشرتها بالأصباغ البيضاء والحمراء بل كما يفعل رجال الوقت ممّن يتزيّنون كالنساء!!

أنت تقابل الكاذبين في اليوم لمرّات، لكنّك لا تحرص أن تقابل كاذباً يلتصق بك هو أنت..

كم مرّة تبسّمت وأنت تسمع لصديق قابلته بعد زمن فيأخذك بالأحضان وهو يقسم لك بأنّه قد سأل عنك، وسعى لك لكنّه لم يجدك، وفي داخله يقول: لا بدّ لي أن أخلُص من الحرج بهذا الإدعاء، وفي ظنّه أنّه (كان ينوي هذا الذي يقول)

وكم من الذين يمتدحونك حين يقابلونك لكنّهم في الواقع من خلفك تدري أنهم يعملون على تقويض كرسيِّك؟

وكم أولئك الذين يتبسّمون لك لكنهم في المآزق أوّل من يدّعي العجز وهم أكثر قدرة على اتخاذ الموقف لصالحك؟

وكم هم أولئك النائمون عن ندائك وهم يقظون يجلسون لأمورهم الخاصة...

وكم وكيف ومتى ولِمَ؟

وأنت واحد منهم...

من يحاول أن يحصي كم كذبة صدرت عنه بالكلمة أو بالحس أو بالسلوك الظاهر أو الخفي في اليوم الواحد؟

كنت أتحدّث مع صديقة عن هذا السلوك الذي تفشّى بين الناس ونتناوله كمتغيّر لطبيعة الحياة التي شغل بها الإنسان فأخذ يضطرّ لأن يكذب للخلوص من مواقف الحرج التي تعترضه

فإذا بها تهمس لي بقولها: اضطررت أمس أن أخلُص من حرج شديد بكذبة لكنني وقعت فيما هو أشد حرجاًَ منه..

قلت لها: وكيف تخلصّت منه؟

قالت: بالصراحة في شأنه..

صديقتي تقول: أحياناً نضطر للكذب الأبيض للخلوص من المواقف المحرجة لكن الكذب يبقى كذباً لا لون له إلا لونه.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد