| |
في الصميم وانتهى زمن لكم اللحم ولنا العظم!! أنوار بنت صالح العمرو*
|
|
مرت طبيعة العلاقة بين المعلم أو المؤدب أو المربي وبين تلاميذه بتغيرات جذرية على مر العصور، منذ أن كان المربي يُعتمد عليه في تنشئة رجالات الأمة من القادة والحكام والعلماء، وانتهاء بالأساتذة الحاليين وطلابهم المعاصرين! ومن نافلة القول إن مهام المعلم تغيرت مع تغير الأزمنة. ومع التغير في طبيعة المعلمين ومهامهم من جهة، وطبيعة الآباء ومهامهم وأبنائهم من جهة أخرى كان لزاماً أن يكون هناك تغير في صلاحيات المعلمين وما يمثلونه للمجتمع. قبل عقدين من الزمن تعارف الناس على مقولة الأب للمدرسة: (لكم اللحم ولنا العظم)، ثم بدأ هذا العظم في الوهن! فأدرك الناس - آباء ومعلمين - أن العقاب البدني المتعارف عليه بالضرب يجب أن يخضع لتقنين أكثر أو يلغى، وهو ما قامت به وزارة التربية والتعليم أخيراً، حيث أصدرت قراراً بمنع الضرب في المدارس. هذا القرار تباينت حوله الآراء والأطروحات، واختلفت نتائج تطبيقه باختلاف المراحل التعليمية واختلاف مشارب القائمين عليها، فبعضهم يعتقد أن على المعلمين السيطرة على فصولهم ومعاقبة طلابهم بأساليب تربوية حديثة، وبعضهم الآخر يعتقد أن القرار ساعد على تخطي الطلبة للحدود على طريقة (من أمن العقوبة)! والحق أننا أصبحنا بين طرفي نقيض بين الغالي والجافي في هذا الأمر، ولعل الذي جعل الوزارة تلجأ لمنع الضرب في مدارسها هو إساءة استخدام هذه الوسيلة التربوية من قبل فئة قليلة من المعلمين، وهذا في نظري ليس مبرراً لمنع الضرب، وإنما المطلوب هو تقنين الضرب وحسن استخدامه، فمن الطلاب من لا يرتدع إلا بالضرب والزجر، لذلك ينبغي أن توضع الأسس الكفيلة أن تجعل الضرب من الوسائل المناسبة، بحيث يتحمل المعلم نتيجة استخدامه لهكذا نوع من العقاب، فلا يستخدمه إلا حين الحاجة وبالقدر الذي يؤدي الغرض. ولا يخالجنا أدنى شك في حسن مقصد المعلمين وعدم تعمدهم الإيذاء، فهم - ولا شك - مؤتمنون على فلذات الأكباد، ولكن قد تتدخل أمور نفسية وسلوكية تثير المعلم وتفقده صوابه، فيغضب ثم يكون الاستخدام السيء للعقاب. لذا فوجهة نظري هي بإقرار الضرب في المدارس، ولكن ضمن ضوابط محددة يطلع عليها المعلم ويتحمل مسؤوليتها، بحيث لا ينقلب الحال من كونه وسيلة لتقويم السلوك إلى هدف بحد ذاته.
*جامعة الإمام
|
|
|
| |
|