| |
دفق قلم المصادرة الثقافية عبد الرحمن صالح العشماوي
|
|
ما تزال هنالك مشكلة تعيشها الأوساط الثقافية في عالمنا العربي، وليست ساحتنا الثقافية بمنجاة منها، إنها مشكلة الشللية، والمصادرة للطرف المخالف، وهي مشكلة تنشأ منها مشكلة أخرى، ألا وهي مشكلة التراشق بالكلمات السيئة، وتبادل الاتهامات، ومحاولة تضخيم الموقف، واستغلال ذلك للمصلحة الخاصة بالشلّة أو الفئة، وهذه أساليب غير لائقة بمن يحمل أمانة الكلمة المسؤولة ومسؤولية الثقافة والفكر في بلادٍ تتعرّض الآن لأشد الهجمات الفكرية والخلقية من أعداء دينها وثقافتها ومنهجها. وإذا أردنا أن نتحدث عن المشكلة في المملكة وساحتها الثقافية والأدبية فإن الحديث سيكون ذا شجون لارتباطه بصراع واضح بين بعض التوجهات الأدبية والثقافية التي يظهر تناقضها الفكري بجلاء لا خفاءَ فيه. ولا بد - في نظري - من وضع أساس واضح تُبنى عليه المواقف الأدبية والثقافية، وينطلق منه الحوار النَّافع المثمر القائم على إرادة الحق وإظهاره ومناصرته، وليس على هوى النفس، ورغبة الفئة. والأساس ثابت موجود - في حقيقة الأمر - وهو أساس متفق عليه من الجميع، إلا بعض الذين شطحت بهم أفكارهم بعيداً، وتشبعوا بثقافاتٍ أخرى أصبحت عندهم هي الأصل، وثقافة أمتهم هي الفرع. إنه أساس التصوّر الإسلامي النقي الفسيح الذي ينبثق من عقيدة الأمة، وفكرها، ومن ثقافة المجتمع المسلم، ومن سياسة الدولة التي تتولّى المسؤولية بكاملها. وإذا أصبح هذا الأساس قائماً في أذهاننا جميعاً استطعنا أن نخرج جميعاً من نفق الصراع الثقافي الذي لا يجلب إلا الفُرقة والخلاف، وأن نسلم من صراع المصطلحات المناقضة لفكرنا وثقافتنا وسياسة بلادنا مع مصطلحات أمتنا وثقافتنا المنبثقة من ديننا وقيمنا. هنالك مشكلة أخرى تنبثق من هذه المشكلة، ألا وهي تحديد المدى الذي يمكن أن نصل إليه في علاقتنا بالثقافات الأخرى ومناهجها ورموزها، وحينما نضع أساس (التصور الإسلامي) بما له من شمول وسعة ووضوح فإننا سنخلص بلا شك من هذه الأزمات الثقافية التي تثار بين الحين والآخر، وهي قائمة على ضغط واضح على وجدان الإنسان المسلم في بلادنا الذي يعيش معاني دينه وثقافة مجتمعه وسياسة دولته. إننا نرفض المواقف المتشنجة التي لا توصِّل إلى نتيجة إيجابية ولكننا نرفض أيضاً ما يسببها ويدعو إليها ويثيرها، فهي مسائل مترابطة لا يصح تجاهل بعضها، والاهتمام ببعض. إننا نشعر بالأسف لوجود تناقض في خطابنا الثقافي للعالم، مع اننا بلد مستقر بفضل الله عقيدة ومنهجاً وسياسة دولة، إن من الإساءة إلى أنفسنا ألا نستطيع إلى الآن أن نخرج على الناس بخطاب أدبي ثقافي موحد منبثق من مبادئ ديننا، ومناهج عقيدتنا، وسياسة دولتنا الواضحة المكتوبة بعناية فائقة.
|
|
|
| |
|