يقول صديقنا الشاعر محمد العمار متغنياً بقريتي:
قريتي هي (القرائن) وتقع على ضفتي وادي العنبري وتتكون من قسمين يحبان بعضهما كثيراً!! والعنبري وادٍ يقع في منطقة الوشم جاف مغبر صيفاً وشتاء إلا من رحمة الله إذا نزلت!! والقرية الجميلة مجموعة متراصة من المباني الطينية المتعانقة بقوة مما يوفر الدفء والتواصل والترابط الذي يصل الى حد (الشرهة) والجفاء أحياناً!! وأجمل ما كان يميز تلك القرية وغيرها من قرى مملكتنا الحبيبة ذلك القادم الهلامي المهيب (العيد) فعندما يحضر تتبدل أحوال القرية وتعود الأسر المهاجرة الى أماكن متفرقة فيلتم الجميع في تقارب حميمي ورغم الخلافات وعدم الاستلطاف إلا أنك تحس ان الجميع في الدائرة نفسها مهما اختلفوا!! قبل العيد بيومين يعيد الأطفال أولادا وبناتا من خلال العيدية أو (الشروط) والتي كانت لا تتعدى بعض أنواع الحلويات البسيطة والقريض وغيرها ورغم بساطتها إلا أنها (تطير في نخاشيش الرأس) وبعد صلاة العيد يتجه الجميع الى ساحة العيد وطعامه الذي يشمل كافة أنواع الأكلات الشعبية بل ربما وصل الأمر الى (كبسة الضبان والفقع وغيرها) ثم الاتجاه الى العرضة والسامري والزيارات العائلية والتواصل فكان للعيد فرحة وألفة وبساطة وتواصل، والنقاء عجيب كنا ننتظره بكل اشتياق ولهفة ولكن ما حدث بعد ذلك..؟؟
تبدلت أعيادنا وكبرت نفوسنا وغطتنا الماديات والمظاهر الكذابة.. ابتداء من شماغ آخر بصمة وحتى السيارة الفخمة ونسينا حتى الفرحة بالعيد والاحتفال به واليكم ما يحدث مع بعضنا.. يخرجون من المصلى مسرعين الى مكان الاحتفال أو بالأصح (مكان السلام فقط) يتبادلون السلام والقبل بشكل مفتعل ومن ثم وجبة العيد الذي صنعتها الخدامات والمطاعم والمطابخ فأصبحت بدون رائحة أو نكهة أو طعم!! حتى كبار السن الذين كنا نأنس بوجود العشرات منهم انقرضوا بفعل السكر والجلطات وأمراض العصر، ففقدنا بركة أولئك الأطهار وفضلهم وحضورهم المهيب العتيد!!
الأطفال أيضاً أصبح الواحد منهم يحمل في يمينه كيسا من الحلوى الفاخرة وفي يسراه كيسا آخر يفيض بالمفرقعات الضخمة والصواريخ المزعجة والمزاج السيئ ونظرة التكبر والضجر!!
الصغيرات اللواتي كنا يتراقصن بخجل وحياء كفراشات حالمة تبدلت أحوالهم إلى عري الاكتاف والأرجل والمباهاة بالملابس والتقليعات الغريبة (اللي تفقع القلب)!! ترى لماذا تبدلت أحوالنا هكذا وأصبح العيد عندنا غير؟؟ الله أعلم.. والجميع بخير.
|