في تحقيق قامت به (الجزيرة )..
هل الإجازة الاضطرارية في شهر رمضان حق مكتسب للموظفة والمعلمة؟!

* تحقيق - جواهر عبدالرحمن الدهيم:
العمل أمانة في عنق الجميع سواء أكان إدارياً أو إشرافياً أو مهنة تعليمية تشمل المعلمين والمعلمات البيئة المدرسية بدءاً بالمديرة وانتهاء بحارسها الأمين، فالإخلاص أمر واجب لا سيما ونحن نعيش روحانية الشهر الكريم الذي تتضاعف فيه الحسنات، حيث يهرع الجميع لالتماس وجوه البر والأعمال الصالحة والتقرب إلى الله بها في هذا الشهر، ومن ذلك الجانب دأبت بعض المعلمات والإداريات بطلب إجازة اضطرارية لأداء مناسك العمرة في شهر رمضان حتى أصبحت ظاهرة سائدة لدى معظم المعلمات يتسابقن في الحصول عليها والامتعاض عند الرفض.
ومن هذا المنطلق تطرقت الجزيرة إلى إجراء التحقيق عن ذلك الأمر فهل الإجازة الاضطرارية حق مكتسب للموظفة لأخذ العمرة فيها؟
وما هي الآثار السلبية المترتبة على العملية التعليمية وخاصة الطالبات أو ما هي الحلول الناجعة لها؟!!
تحدثت المعلمة أمل في البداية قائلة: اعتدت في كل عام ومع بدء شهر رمضان على تقديم طلب إجازة اضطرارية من مديرة المدرسة موضحة فيها أنني عازمة على أداء مناسك العمرة في هذا الشهر الذي تتضاعف فيه الحسنات وبعد جهد شاق حصلت على الموافقة وأديت العمرة. فالإجازة من حقي وأعمل بها ما أشاء على حد قولها، وتضيف (الاجازة منحت لنا فمن حقنا التصرف بها) ومن جهتها قالت سارة المعلمة في الصفوف الدنيا المرحلة الابتدائية: تقدمت بطلب إجازة من قبل المسؤولة أسوة بزميلاتي اللاتي سبق وأن منحنها لأداء المناسك، فجاءت الموافقة بالرفض من قبل المديرة مدعية أنها ليست حق مكتسب للموظفة بالرغم من أن بعض الموظفات والمعلمات منحت لهن متسائلة في الوقت نفسه: هل هي مقتصرة على البعض دون الآخرمضيفة في سياق حديثها إلى عدم الحضور والتوجه إلى مكة لأداء العمرة وعلى السياق ذاته قالت المعلمة أم محمد: في كل عام من الشهر الكريم اتقدم بطلب إجازة اضطرارية وتأتيني الموافقة على الفور نظراً لانضباطي في العمل وعدم غيابي طول العام اتوجه خلالها إلى مكة لأداء مناسك العمرة، وتضيف أم محمد عندما انتقلت هذا العام إلى مدرسة أخرى رفضت مديرة المدرسة مع أنني قد رتبت أموري مع رب الأسرة الذي بدوره تقدم بطلب إجازة من مدرسته التي يعمل بها مشيرة إلى أنها استاءت كثيراً لأن أغلب المعلمات والاداريات في المدارس الأخرى يسمح لهن بها ومن حقي ولي مطلق الحرية في التصرف بها.
وفي المقابل قالت المراقبة سارة محمد أن طلب الاجازة الذي تقدمت به قوبل بالرفض من قبل المديرة مما أدى إلى الدخول في نقاش حاد موضحة فيها بأنها ليست معلمة فكان رد المسؤولة بأن يقف على كاهلها مسؤولية ضبط النظام في المدرسة وأخذ غياب الطالبات وتضيف سارة أتفقت مع زميلتي أن تحل محلي في غيابي على أن آخذ عوضاً عنها في غيابها متسائلة ما الداعي لرفض المديرة مع وجود البديل؟!
الطالبات أمانة
وتعلق الأستاذة منيرة والتي استاءت من تلك الظاهرة قائلة: أعاني كثرة حصص الانتظار بجانب حصصي الأساسية بحجة المعلمة ذهبت للعمرة وغداً اخرى ستتغيب للسبب نفسه، فالمديرة رفضت إجازة فأجابت أنني سوف آخذ عمرة وأحضر تقريراً طبياً للمديرة إلى جانب تحايل عدد من المعلمات مشيرة إلى أن القضية ليست قضية إجازة وإنما قضية طالبات يحضرن للدراسة فيتفاجأن بأن ذلك اليوم لن يشرح لهن أي من الكتب الدراسية بسبب غياب المعلمة بالاضافة إلى مشاكل الطالبات اللاتي تزداد مع غياب المعلمات.. متباهين بأخذ العمرة في شهر رمضان المبارك الذي أعظم أجر فيه مراقبة هؤلاء الطالبات اللاتي حضرن للتزود بالعلم، وهذا اليوم الذي تأخذ فيه المعلمة الاجازة هو من حق الطالبة، ناهيك عما يسببنه من ازدحام في هذا الشهر الكريم في الحرم المكي بين الرجال والنساء، والمرأة أجرها في أولادها وطالباتها التي أؤتمنت عليهن.
وتتحدث نوف الطالبة في المرحلة المتوسطة قائلة: ذهبت مع والدتي لتوفير مستلزمات مادة التربية الفنية متنقلة من مكتبة لأخرى وبعد جهد حصلت على جميع المستلزمات وعندما توجهت للمدرسة في اليوم التالي أفاجأ بعدم حضور المعلمة، وعند السؤال جاءت الاجابة بأنها توجهت لأداء المناسك حيث أصبنا أنا وزميلاتي بإحباط شديد متسائلة نوف: كيف تلزمنا بجلب مستلزمات المادة وتهديدها لنا بأنها سوف تعاقب من لم يحضرها، ثم تتغيب لنفاجأ بمعلمة اخرى وكلنا ضجر من إلحاح بعض الموظفات في طلب الإجازة.
وتقول الأستاذة نورة مديرة إحدى المدارس الابتدائية بالرياض: أعاني من إلحاح بعض الموظفات في طلب الإجازة الاضطرارية لا سيما في هذا الشهر الكريم حيث يكثر غياب الموظفات على اختلاف ظروفهن ولكن أكثر ما يزعجني طالبات الاجازة الاضطرارية بقصد العمرة، وعندما أشرح لهن ظروف المدرسة وان الاجازة ليست حقا مكتسبا للموظفة تدخل في نقاش حاد لا أجد له أي مبرر فتصر على رأيها وتحاول فرضه بالقوة، وتتغيب مما يساعد ذلك الأمر على قيام الآخريات إلى تقليدها، ويكثر الغياب فالفصول تعاني من نقص المعلمات والمعلمات يعانين من الضغط في حصص الاحتياط وأحاول جاهدة سد هذه الثغرة ولكن دون جدوى إقناعهن أن مصلحة الطالبة أهم وأن الأجر والثواب في هؤلاء الطالبات اللاتي أحضرهن أولياء أمورهن وتكبدوا مشقة إحضارهن في هذا الصباح فيجب علينا أن نهتم بالطالبة، واعطائها حقها في الشرح وعدم الغياب لكن لا حياة لمن تنادي مطالبة أن تجد ادارة التعليم الحل الناجع لهذه الظاهرة التي أصبحت منتشرة بين الموظفات في قطاع التعليم. ولنا في رسولنا الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) القدوة.
وحول هذه الظاهرة تؤكد الأستاذة عواطف فهد العرابي الحارثي مساعدة مركز الاشراف التربوي بالرياض أن الاجازة الاضطرارية ليست حقا مكتسبا حيث أفتى بعض المشايخ حفظهم الله في هذا الشأن أما فيما يخص إجازات المعلمات في شهر رمضان المبارك، فالحديث عنه ذو شجون، فالمجال التربوي لا يزال يعاني من قلة وعي بعض الموظفات على الرغم من وجود التعاميم والأنظمة بإصرار وأخذ الاجازة في شهر رمضان وتابعت عواطف حديثها قائلة: أود أن أوضح رأيي في هذا الجانب من ناحيتين: الأولى وهي أن الاجازة الاضطرارية ليست حقا مكتسبا للمعلمة في شهر رمضان أو غير رمضان.
والثانية علماء الدين والمشايخ أصدروا فتوى بأن ترك العمل وأخذ العمرة له آثار ولا يجوز؛ لأنهم أدركوا السلبيات وضرر الإجازة على المناهج والطالبات. كما أن ديننا الحنيف دين عمل وتعامل وسلوك وأمانة وإتقان وهذه فرصة أن أهيب بجميع المعلمات والموظفات إلى مراجعة أنفسهن بهذا النوع من الإجازة واستشعار الأمانة وتمثل صورة المسلم الحق في قدوتنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر والتي غزاها في شهر رمضان المبارك.