* كتبته - رقية حمود الشبيب:
ودنت لحظة البعد.. وما أصعبها من لحظة لمن عاناها.. وودعتها.. وبكيت بحرقة ولوعة كان إحساسا داخليا يساورني ويلح علي بأني لن أراها مرة أخرى.. أما هي فكانت تبدو لي من خلال دموعي شاحبة ملتاعة وصامتة.. وصمتها حدثني عن أشياء كثيرة عن الذكريات البعيدة منها والقريبة.. كنت أحبها بصدق.. وودعتها ولابد مما ليس منه بد.. ولوحت لها وابتعدت.. وبدا لي شبحها من بعيد، وكأنه يلوح لي أيضا.. وهزتني المفاجأة التي أعيشها لقد انتهى كل شيء وبهذه السرعة.. وتركت.. حبيبتي.. ومسافات البعد بيننا شاسعة بعيدة أواه يا بلدتي.. ويا أرضي لكم أحن لك.. وتراءت لي صور الماضي.. الحلوة ووجوه أحبائي هناك المغلفة بالكآبة واللوعة وبذات أصواتهم المتشحة بالدموع.. وكان لقائي.. بمدينتني الجديدة.. التي احتضنتني بألفة.. ومضت الأيام.. ولكن فجأة حثثت على نفسي.. وددت لو أضفتها أجل لقد شعرت بأن مرت لحظات لم أذكر ببلدتي وأهلها ترى؟ هل نسيتهم؟! لا مستحيل بل إنها السلوى.. وأعتقد أن السلوى تختلف عن النسيان.. السلوى للحظات أم النسيان فصعب جدا.. ولكن وعيت للواقع وأحسست أني لمثله فشلت بشد الماضي لربطه بالحاضر كواقع أعيشه، وانتزعت ابتسامة مرة على سخف خيالاتي.. ولكن ما زلت أقول: إنه صعب جدا أن أنسى أن أعظم حب وأصدقه هو حب الإنسان لأرضه.. إنها عودة الفرح للأصل وامتزاج الطين بالطين وها هي الأيام تجري ومازلت أذكرها وأحبها وصدى الماضي والذكرى لا يبارحني بل إن نسيم الشمال في كل هبة من هباته يذكرني.. بها يا أحبائي يا من فقدوا أرضهم أني معكم بكل ذرة من كياني لأني أعايش الغربة والتحنان.. وأتمنى أن يأتي يوم ونعود للأرض التي فقدناها أرضنا العربية الأسيرة أما أرضى.. وحبيبتي - عرعر - فلها مني ألف.. ألف تحية.
الرياض |