إنه شيء يثلج الصدور، ويبهج النفوس، أن يحقق ذوو الاحتياجات الخاصة من أبناء المملكة العربية السعودية هذا النصر الرياضي الكبير بالحصول على كأس العالم في كرة القدم، رغم صعوبة وعناد الخصم الهولندي في المباراة النهائية، ورغم اللعب على أرض غير أرض المملكة حيث كانت الأرض ألمانية، ومع ذلك انتزع أبناؤنا السعوديون النصر والكأس العالمية من بين أرجل الهولنديين ليرفعوا عالياً رأس المملكة العربية السعودية، بل ورأس العرب والمسلمين - وهو تعبير - خادم الحرمين الشريفين لدى اتصاله - حفظه الله - بالفريق السعودي في ألمانيا لتهنئته فور إعلان هذا الفوز.
ونحن منسوبي التربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم، يسعدنا أن نرفع تهانينا إلى مقام خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو الرئيس العام لرعاية الشباب، رئيس الاتحاد السعودي لرياضة ذوي الاحتياجات الخاصة، وسمو نائبه، وجميع أعضاء الاتحاد السعودي لرياضة ذوي الاحتياجات الخاصة، كما نرفع التهاني إلى معالي وزير التربية والتعليم ونائبيه والمسؤولين في الوزارة، وأقول للجميع: إن ما تحصدونه اليوم هو نتاج ما زرعتموه بأيديكم من قبل، وما قدمتموه لهم من دعم، وهم لم يخيّبوا أملكم، بل كانوا عند حسن ظنكم.
وفي تقديري أن وراء هذا الإنجاز الرياضي العالمي أسباباً رئيسة نذكر من أهمها ما يلي:
1- إن ذوي الاحتياجات الخاصة - على اختلاف شرائحهم - في المملكة العربية السعودية يلقون عناية ورعاية واهتماماً فائقاً من لدن حكومتنا الرشيدة، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، ومن مؤسسات ومراكز غير حكومية تقدم أرقى مستويات الخدمة لهذه الفئات، من أهمها: مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية، ومركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة.
2- إن التخطيط السليم والمتابعة الدؤوبة والتنفيذ المحكم للخطط التي تضعها الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ممثَّلة في الاتحاد السعودي لرياضة ذوي الاحتياجات الخاصة، بقيادة سمو الرئيس العام وسمو نائبه، لا شك كان من أهم عوامل هذا الفوز الرياضي بأكبر جائزة عالمية.
3- إن هذا الفوز يؤكد من جديد صحة المبدأ، وسلامة المسار، وصلابة القاعدة التي تقوم عليها تربية وتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة في معاهد وبرامج التربية الخاصة، حيث تطبق الوزارة أحدث الأساليب التربوية، وفي مقدمتها أسلوب الدمج التربوي الذي أخرج هذه الفئات من عزلتها السابقة إلى الأضواء الاجتماعية المحلية والإقليمية وصولاً إلى العالمية.
4- إن حصول ذوي الاحتياجات الخاصة بالمملكة العربية السعودية على كأس العالم يسجل هدفاً قوياً في مرمى أولئك المشككين في قدرات ذوي الاحتياجات الخاصة عموماً، وذوي الإعاقة الذهنية خصوصاً، إذ إن الفوز بكأس العالم أعطى دليلاً على صحة المقولة التربوية التي مفادها أن الإنسان مهما اختلفت قدراته العقلية، أو الحسية، أو الجسمية، أو التواصلية، أو الأكاديمية، يظل إنساناً قادراً على العطاء - قلَّ أو كثر - محققاً جانباً من جوانب خدمة وطنه بالقدر الذي اكتسبه في دور التربية والتعليم والتدريب والتأهيل.
والآن.. وبعد أن استطاع ذوو الاحتياجات الخاصة بهذا الفوز الكبير أن يصححوا المفاهيم ويقلبوا الموازين لدى الكثير ممن كانوا يظنون بهذه الفئات ظن السوء، ويزعمون أنها غير قادرة على العطاء، ومن ثم يرون التركيز في الاستثمار البشري على شرائح الأسوياء، فإنني أوجه نداء من قلب رجل هو واحد من هذه الفئات، وأحد المسؤولين عن تربيتهم وتعليمهم، وأحد العاملين على خدمة قضاياهم، أقول في ندائي إلى الشعب السعودي العظيم، بأن يجعلوا من هذا الانتصار الذي حققه أبناؤهم من ذوي الاحتياجات الخاصة شحنة معنوية عالية تدفعهم إلى تشجيع هذه الفئات ورعايتها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، وأن يشعروهم بفخرهم واعتزازهم بكل إنجاز يحققونه في أي مجال من المجالات.
* المشرف العام على التربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم |