Friday 29th September,200612419العددالجمعة 7 ,رمضان 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الاقتصادية"

استمرار انكسار الحواجز النفسية للأسهم الخاسرة استمرار انكسار الحواجز النفسية للأسهم الخاسرة
أما آن الوقت للتخلي عن صناعة المؤشر وبدء صناعة السوق؟!

  شهد السوق هذا الأسبوع اتجاهاً مكملاً لاتجاهه في الأسابيع القليلة السابقة، حيث برز تركيز حميم على أسهم المضاربات الصغيرة، وقد انضمت إليها بعض الشركات المتوسطة مؤخراً، وازدادت قسوة النسب التي تحرزها هذه الشركات الصغيرة بشكل بارز هذا الأسبوع بشكل خابت معه كافة التنبؤات بانهيار الفقاعات السابقة لهذه الأسهم، حيث إنها كسرت حواجز نفسية ما كان يتوقع أحد تكسيرها سوى المضاربين أنفسهم في ظل عدم امتلاكها لأي جوانب مالية أو حتى فنية، فقط هي تمتلك دعماً سلوكياً قوياً قائماً على تفاؤل وثقة شديدة من قبل المضاربين ذوي المحافظ الكبيرة والمتوسطة الذين يتبعهم (بحكم مسار القطيع) صغار المستثمرين مما يرونه من نسب هذه الأسهم. في المقابل هناك صورة قاتمة لأسهم العوائد الكبيرة.. ركود وجمود بات يسبب تشاؤماً لدى متداوليها لدرجة أفقدتهم الثقة ليس فيها ولكن حتى في شركاتها الرائدة. فكيف وبما استطاعت هذه الأسهم الصغيرة (الخاسر كثير منها) تحقيق تلك الطفرات السعرية غير المبرّرة؟! وكيف وبما ركدت تلك الأسهم الاستثمارية الكبيرة؟! وإذا كانت الدولة تمتلك نسباً مهمة في بعض من تلك الصغيرة وبعض من تلك الكبيرة فلماذا التمييز في النشاط؟! فعلى سبيل المثال الدولة تمتلك نسبة 71% تقريباً في سابك و40% تقريباً في الأسماك، وعلى رغم الفوارق الهائلة بين الشركتين التي تصبّ في مصلحة سابك بالتأكيد إلا أن سهم الأسماك تمكن من تحقيق طفرة سعرية بنحو تفوّق 335% على مدى الشهر الماضي، في مقابل هبوط سابك بنحو 4% تقريباً خلال نفس هذه الفترة، وهو الأمر الذي يطرح تساؤلاً حول المؤشر الشكلي فهل أصبح الواقع صناعة سوق أم مؤشرا؟!
المؤشر يتحرك عشوائياً داخل مسار ضيق جداً!!
على الرغم من تسجيل المؤشر صعوداً ملموساً في بداية أيام تداول هذا الأسبوع، حيث صعد بنسبة 2.11% ليغلق عند 11343 نقطة، إلا أنه عاود الركود مرة ثانية ليتحرك في اتجاه أفقي طفيف لا يدلّل على اتجاه معين سواء كان صعوداً أو هبوطاً، فقد انحدر المؤشر من مستوى 11343 في يوم الأحد إلى مستوى 11225 يوم الأربعاء خاسراً نسبة 1.03% على مدى ثلاثة أيام متتالية. اللافت للانتباه هو تحرك المؤشر بلا هوية، مجرد تحركات اهتزازية من هنا أو هناك، والسبب أن الأسهم الكبيرة كما هي (محلّك سر). بالتحديد، فإن حصيلة تحرّك المؤشر في أربعة أيام تداول هي صعود بنحو 1.05% ليربح 116.9 نقطة.
التداول بالدعم السلوكي
يقود إلى تكسير الحواجز النفسية للأسهم الخاسرة.. ولكن إلى أين؟!
من المعروف أن هناك ثلاثة جوانب رئيسة تؤثر في حركة التداول وتوجهات المضاربة في أي سوق؛ هي: جوانب التقييم الأساسي لشركات الأسهم، وجوانب التقييم الفني للأسهم، والجوانب النفسية والسلوكية للمتداولين. وقد لوحظ خلال الشهر الحالي تحديداً أن حركة التداول في السوق المحلي لا تنتمي لأي من الجانبين الأول أو الثاني، ولكنها باتت حركة سلوكية محضة؛ فالاهتمامات لم تعد حتى تركز على التحليل الفني الذي انتعش فترة بعد حركة التصحيح الأخيرة، ولكنه عاود الإهمال مرة ثانية، فاليوم عندما يوصي أحد المتداولين غيره من المستثمرين في السوق لا يتحدث عن مؤشرات مالية ولا عن مؤشرات فنية، ولكنه يتحدث بأن التوجهات هي تصعيد أسهم كذا وكذا ولا أمل في كذا. وللأسف أصبحت تلك التوصيات تصْدُق في كثير منها، لدرجة أن تلك التوصيات أصبحت تنال الاهتمام الكبير على توصيات المحللين المتخصصين. إلا أن الأمر الخطير خلال هذا الأسبوع هو قدرة كبار المضاربين بجانب المجموعات على تكسير كافة الحواجز النفسية التي وضعتها توقعات المحللين الماليين والفنيين بتوقف صعود الأسهم الصغيرة الخاسرة وبدء تراجعها، إلا أن ما حدث جاء مخيّباً للآمال، حيث عاودت الأسهم الصغيرة صعودها مكسرة كل حاجز مقاومة قوي قيل إنها لن تستطيع أن تتجاوزه، فهل أصبح الدعم السلوكي بمقدوره تجاوز أي وكل مستوى مقاومة مهما كان ومهما كانت معدلات المخاطرة في الصعود فوقه؟!
إن الاعتماد على الدعم السلوكي في حركة التداول يمكن أن تكون له مخاطر كبيرة على السوق والمتداولين في المستقبل القريب؛ لأنه عاجلاً أو آجلاً لا بدَّ من تصحيح هذه الأوضاع، والثمن قد يكون فادحاً من حيث تحقيق قطاع وشرائح كبيرة من المستثمرين لخسائر فادحة، بالطبع - وفي كل مرة يكونون من صغار المستثمرين - هم غير قابلين للنصيحة بأن تلك الأسهم لا تمتلك أي دعم للصعود سوى الدعم السلوكي القائم على التطبيل والتغرير من جانب فئات مستفيدة من المستثمرين. هؤلاء الصغار سائرون إلى حتفهم حتماً من خلال إعادة ترتيب محافظهم لكي تمتلئ بالأسهم الصغيرة الخاسرة التي حققت لهم فعلاً أرباحاً بدأت تنعش صدورهم بتعويض خسائرهم في الماضي، ولكن ماذا بعد؟ لا بدَّ من التصحيح وزوال الفقاعات وأيضاً تفريغ المحافظ من محتوياتها، وهذا الأمر على رغم اختلافه عن تصحيح فبراير الماضي من حيث إن المؤشر لن يتأثر بانهيار أو انفجار تلك الفقاعات التي تمثل أكثر من 3 إلى 5% من قيمته السوقية إلا أن العبرة بأعداد وملايين المستثمرين الذين تداولوا ويتداولون هذه الأسهم، فأما آن للجهة المسؤولة أن تتحرك لمنع تكوين فقاعات أكبر قد يكون انفجارها مأساوياً جداً؟! إن هيئة السوق المالية لم يلُمْها أحد على نزول وانهيار المؤشر من مستوى 20600 إلى 10150 تقريباً على مدى شهرين تقريباً في الماضي القريب، إلا أن الجميع كان يلومها بالطبع على السماح بصعود المؤشر لهذا المستوى المتضخم، فهل تتكرر ذات المأساة؟!!
التحذير من الشائعات
البعض يروج لوصول أسعار هذه الأسهم الصغيرة إلى مضاعفات سعرية جديدة، هل هي ممكنة؟ نعم، ممكنة في ظل الظروف الحالية، ولكن هل تستمر؟ بالطبع لا، بل يمكن في أي لحظة وحتى مع صعود المؤشر أن تصحح هذه الأسهم وبشكل تدميري مخيف. ولكن لماذا تتعمد تحالفات كبار المضاربين اليوم ومنذ فترة تصعيد وتحليق هذه الأسهم، هل لجني أرباح أكبر فيها، أم للإيهام بأن أسهم المضاربة لا حدود على ارتفاعاتها ومن ثم تمكينهم من تحريك أسهم مضاربية أخرى؛ أي أن الهدف (كما يقول بعض المحللين الآخرين) ليس هذه الأسهم الصغيرة في حد ذاتها بقدر ما هم يركزون على أسهم أخرى يجمعون فيها؟!
مؤشر السيولة
الأسبوعية المتداولة
لا يزال مؤشر السيولة المتداولة في انحداره المستمر منذ بداية سبتمبر الحالي، وهو الأمر الذي يثير الريبة إما في خروج محافظ كبيرة أو متوسطة من السوق وإما في إحجام عن التداول، وفي كلا الحالتين يوجد هناك حالة ترقب في السوق إما لصدور قرارات مهمة ربما مثل تداول إعمار وإما الشعور بنوع من المخاطرة نتيجة صعود وتضخم العديد من الأسهم الخاسرة. فعلى مدى أسبوعين انحدرت السيولة الأسبوعية من مستوى 163.4 إلى 79.1 مليار ريال؛ أي انخفضت بنحو 52%. أنظر الجدول (1)
الأداء القطاعي
حققت غالبية القطاعات السوقية خسائر هذا الأسبوع باستثناء الزراعة والخدمات اللتين صعدتا بنسبة 5.58% و1.16% على التوالي، وأيضاً التأمين الذي صعد بنسبة 0.64%. في المقابل خسائر لكافة القطاعات الأخرى، كان أعلاها خسارة قطاع الكهرباء بنسبة 5.06%. أما من حيث معدلات السيولة المتداولة فقد شهد قطاع الخدمات زيادة ملحوظة عن مستواه في الأسبوع الماضي بما يدعم تركيز المضاربات على أسهم الخدمات مرة أخرى.
طفرة الأسماك في
مقابل جمود سابك
خلال الشهر الحالي برزت العديد من المعادلات الصعبة والمعقدة في حركة التداول السوقية، من أبرزها معادلة سابك/ الأسماك؛ فسابك قمة الاستثمار والعوائد، والأسماك أحد الخاسرين حسب آخر نتائج ربع سنوية تقريباً، ولكن سابك ركود وجمود قوي في مقابل طفرة سعرية للأسماك. وتجتمع شركتا السهمين في أن الدولة تمتلك نسبة مهمة في كل منهما على رغم أنها أكبر في سابك (71% تقريباً) عن الأسماك (40%).
ويوضح الجدول (2) أداء السهمين خلال الشهر والنصف شهر الماضي، حيث يتضح أنه خلال 34 يوماً صعدت الأسماك بنسبة 338.5% في مقابل هبوط سابك بنسبة 4.1%.
بل إن الغريب هو ما يوضحه الشكل المرفق، حيث السعر السوقي للأسماك يأخذ خط صعود رأسياً في مقابل سعر سابك خط أفقي هابط.
ولتفسير هذا الوضع للأداء العكسي كان لا بدَّ من تفحص المؤشرات المالية لكلا السهمين فربما نجد تفسيراً لهذه المعادلة الصعبة كما يتضح من الجدول (3).
لسوء الحظ وجدنا خسائر وأداءً ضعيفاً في معظم الجوانب للأسماك وأداءً قوياً في معظم الجوانب لسابك، بل ما يثير الانتباه هو اكتشاف أن سهم الأسماك قد صعد بالنسبة القصوى لمدة 17 يوماً من إجمالي الـ40 يوماً الأخيرة، فهل المشكلة تتمثل في كون سهم سابك سهماً يمتلك القوة الرأسمالية الأولى في السوق؟ وهل قوته الرأسمالية يفترض أن تكون لصالح المستثمرين وتعزز أرباحهم أم تكون سبباً في خسائرهم؟ وإذا كان السهم القيادي (سابك) والاستثماري الأول في السوق ينحدر من آنٍ لآخر، وإذا كان هذا السهم أيضاً من القوى القيادية (بجانب قياديات أخرى قليلة) التي حافظت على تماسك المؤشر، وأيضاً إذا كانت الأسماك بجانب أسهم صغيرة أخرى عديدة تمكنت من الصعود ومخالفة الاتجاه والتحرك كما لو كانت تتداول في سوق آخر غير سوق سابك والاتصالات والأسمنتات والبنوك؛ فهل يمكن التأكيد على أن ما نشهده هو صناعة مؤشر لا سوقا!!
أما آن الوقت لصناعة السوق؟!
إن هيئة السوق المالية نجحت بالفعل في المحافظة على استقرار المؤشر خلال الفترة منذ منتصف مايو بشكل ملحوظ وفعال لا ينكره أحد، إلا أنها حتى الآن لم تتمكن من صيانة واستقرار كافة الأسهم في السوق على نفس منوال استقرار المؤشر؛ فداخل السوق اتجاهات متغايرة ومتباينة وألوان كثيرة ونسب مختلفة وتفاؤل كبير وتشاؤم عنيف للأسهم، فخلال الفترة الماضية أرست هيئة السوق المالية العديد من الأسس والقواعد التمهيدية للدخول في إصلاحات للعديد من الجوانب العميقة للسوق، فها هي الاكتتابات وها هي زيادات رؤوس أموال الشركات وها هي الحوكمة وها هي لائحة الصناديق وغيرها العديد والعديد، وكان حتماً لها أن تتجه وتركز على صناعة المؤشر لاكتساب الوقت لتلك الإصلاحات، ولكن الآن وبعد إتمام العديد من تلك الإصلاحات أما آن الوقت لصناعة السوق ككل والتخلي عن صناعة المؤشر فقط؟!! أنظر الجدول (4)

د. حسن أمين الشقطي - محلل اقتصادي ومالي

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved