خبران منشوران في جريدة واحدة، أحدهما أسعدني وأثلج صدري، والآخر استطاع أن يعكّر جوَّ تلك السعادة، وقلت في نفسي: هذا شأن الدنيا؛ لا تكتمل، ولا يمكن أن يدوم على حال بها شأن.
في جريدة (الجزيرة) الصادرة يوم الأربعاء 13-8-1427هـ لبست الصفحة الأولى تاج خبر جميل، كانت صياغته تقول: (لدى استقباله الحاصلين على براءة اختراع.. خادم الحرمين الشريفين يقول: جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية أفكر فيها منذ خمس وعشرين سنة، ونحمد الله أن أعاننا على تحقيقها).
خبر يسعد قارئه، ويثلج صدره؛ لأنه يدل على عناية كبيرة بالعلوم والتقنية التي تطورت في هذا العصر تطوراً مذهلاً عند الغرب، وما زالت تعاني من ضعفٍ وتأخر عندنا نحن المسلمين.
ومما جعل الخبر الصادق جديراً بإثارة تلك السعادة أنه أشار في تفاصيله إلى مقابلة خادم الحرمين لوفد من الحاصلين على براءات اختراع في مجالات هندسية وطبية من أبناء المملكة، حيث سُجلت براءات اختراعهم في الولايات المتحدة الأمريكية، وكان معالي وزير التعليم العالي في مقدمة ذلك الوفد العلمي، وهذا شيء جميل في وقت نحن بحاجة فيه إلى مزيد من العناية بأصحاب المواهب، والتشجيع لكل من لديه قدرة على اختراع علمي يضيف إلى مسيرة التطور العلمي في العالم تألقاً ونجاحاً.
ونحن على يقين بقدرة الأمة الإسلامية الهائلة في المجالات كلِّها؛ فهنالك عقول عربية مسلمة تقوم بأدوارٍ رياديّة في مسيرة التطور العلمي في أوروبا وأمريكا؛ فهجرة العقول العربية المسلمة إلى تلك البلاد أشهر من أنْ نعرّف بها في هذه السطور، وإذا كان الخبر السابق قد خلا من الإشارة إلى دورٍ في موضوع تلك البراءات لمؤسسة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، فإن لنا أملاً أن يكون لها دور في هذا الموضوع لم يُشر إليه الخبر، وإذا لم يكن لها دور، فالسؤال يفرض نفسه: لماذا؟
هذا خبر يسعد ويسرّ، تألقت به الصفحة الأولى من الجريدة، ولكنّ الصفحة الثامنة والثلاثين تضمّنت مقالاً لأخينا الكريم المتخصص في فقه اللغة العربية نائب رئيس الجمعية العلمية السعودية للغة العربية الدكتور عبد الله بن حمد العويشق، ناقش فيه موضوعاً استطاع أن يشوّش على سعادتي بخبر الصفحة الأولى، ألا وهو (تغيير لوحات السيارات السعودية)، على ما يلي:
1- إضافة رقم رابع لتتضمن اللوحة ثلاثة حروف وأربعة أرقام.
2- كتابة اللوحة باللغة الإنجليزية حروفاً وأرقاماً.
3- إضافة الشعار السعودي (السيفان والنخلة).
4- عدم كتابة اسم المملكة بالحروف العربية، والاقتصار على كتابته بالحروف اللاتينية (KSA).
أرأيتم أيها الأحبة كيف هبط بنا هذا الخبر بعد أن صعد بنا الخبر الأول، حتى حُقّ لنا أن نقول: لماذا هذا التنغيص؟
د. عبد الله العويشق ناقش الموضوع مناقشة جادة مفيدة، وبين خطورة هذا التوجه إلى التغريب حتى في لوحات سياراتنا، وحتى في اسم بلدنا الحبيب المملكة العربية السعودية، أول صفة للمملكة بعد اسمها (العربية) فكيف تكتب بالإنجليزية، وما هذا الضعف أمام لغة الآخر، بل، ما هذا الانكسار؟ أحيل القراء الكرام إلى مقال د. عبد الله في عدد هذه الجريدة 12396 الصادر يوم الأربعاء 13-8-1427هـ؛ ففيه تفاصيل مهمة عن هذا الموضوع.
إن خادم الحرمين الشريفين - وفقه الله - حريصٌ - كما نعلم - على بقاء شخصية هذه البلاد القويّة، ولا شك أن من عوامل بناء قوتها العناية بلغتها لغة القرآن الكريم.
إشارة:
وأغسل أخطائي بشلال توبتي أتوب إلى ربي وما خاب تائب |
www.awfaz.com |