|
انت في"الاقتصادية" |
|
عندما يحين وقت تخرجنا من المرحلة الثانوية نكون قد أمضينا نحو 15000 ساعة في فصول الدراسة، وإذا أضفنا المرحلة الجامعية وحولنا الساعات إلى سنوات سنجد أننا أمضينا في التعلم ثمانية عشر عاماً. دخلنا في دهاليز التاريخ، وانتقلنا فوق تضاريس الجغرافيا، تعرفنا على نظريات فيثاغورس، وقرأنا عن اكتشافات جاليليو وكولومبس، درسنا تفاعل الأوكسجين مع ثاني أكسيد الكربون، وتعجبنا لطريقة عمل الهاتف والتلفزيون، وعرفنا كيف تنشأ الزلازل والبراكين، استنفذنا قوانا الذهنية في حسابات التفاضل والتكامل، تعلمنا الكثير والكثير، ولكن لم نتعلم كيف نعيش الحياة. لم نتعلم كيف نقيم علاقات اجتماعية فعالة مع الآخرين، لم نتعلم كيف نؤثر في الآخرين، لم نتعلم كيف نتحاور مع الآخرين، لم نتعلم كيف نتخذ قرارات، لم نتعلم كيف نحل المشكلات، لم نتعلم كيف نتخلص من الإحباط والقلق والاكتئاب، لم نتعلم كيف نفكر بشكل صحيح، لم نتعلم كيف نقرأ بشكل صحيح، لم نتعلم كيف نحدد أهدافنا في الحياة، لم نتعلم كيف ندير الأزمات، لم نتعلم كيف نستثمر أموالنا، لم نتعلم كيف نثري عقولنا ونفوسنا، لم نتعلم كيف نربي أطفالنا، لم نتعلم كيف نتعامل مع زوجاتنا، لم نتعلم كيف نساهم في خدمة مجتمعنا، لم نتعلم كيف ننمي ثقتنا بأنفسنا، لم نتعلم كيف نمارس مهمة ضبط النفس، لم نتعلم كيف نصل إلى أفكار جديدة، لم نتعلم كيف ندير أوقاتنا، لم نتعلم كيف ننجح في عملنا، لم نتعلم كيف نتعامل مع رؤسائنا ومرؤوسينا، لم نتعلم كيف نصبح قادة في مؤسساتنا. تعلمنا الكثير والكثير وجهلنا الكثير والكثير. بالتأكيد في عصرنا الحالي هناك ما يجعلنا نعيد التفكير في مناهجنا ومخرجاتنا التعليمية. أتمنى أن يكون هناك منهج يتم تدريسه على مدار المراحل التعليمية المختلفة من المرحلة الابتدائية حتى المرحلة الجامعية، هذا المنهج يتناول محاور كثيرة ومتنوعة تتعلق بإثراء الإنسان لذاته ولحياته، على أن يتم في كل مرحلة تدريس جوانب تتعلق بإثراء الشخصية في تلك المرحلة. فأطفالنا يمكن أن يتعلموا قيمة النظام واحترام الآخرين والتفاعل معهم والمصداقية ومهارات القراءة والثقة بالنفس، وأولادنا في المرحلة المتوسطة والثانوية يمكن أن يتعلموا قيم الطموح والتفاؤل والتفكير السليم وتحديد الأهداف، وشبابنا في المرحلة الجامعية يتعلموا كيفية التحلي بمهارات القيادة، وكيفية إدارة المشروعات الصغيرة، وكيفية النجاح والتميز في العمل، وكيفية التأثير في الآخرين، وكيفية بناء إستراتيجية في الحياة. بالتأكيد فإن تدريس مثل هذه المناهج سوف يسهم بشكل مباشر في استكمال الجوانب المفقودة في المنظومة التعليمية، فالخلل في هذه المنظومة ندفع ثمنه الآن كما تدفع ثمنه الكثير من المجتمعات، العصر الذي نعيشه يتطلب من أي مجتمع أن ينمي ويطور موارده البشرية بما يتيح لها أن تصبح أكثر تأثيراً في المجتمع، وبما يتيح للمجتمع أن يصبح أكثر تأثيراً في هذا العالم. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |