إن انضمام دول مجلس التعاون الخليجي إلى منظمة التجارة العالمية (WTO) يحتم عليها السعي لتحقيق قدر أكبر من تنويع الاقتصاديات الخليجية وذلك من خلال الخصخصة وتعزيز الاستثمار الأجنبي ويساعد على توسيع دور القطاع الخاص وتراكم رأس المال الخاص على تغيير توجه الاقتصادات المعنية من الاعتماد على القطاع العام إلى نمو يقوده القطاع الخاص.
إستراتيجية إبدال الواردات:
يمثل الاتجاه الرئيسي بهذه الإستراتيجية في تغيير المحرك التنموي من دعم الصادر إلى إبدال الواردات ومن الاستثمار في المنتجات الأولية (المواد الخام كالنفط والمعادن) إلى الاستثمار في تطوير القطاع الصناعي ويتطلب التصنيع عدداً من الشروط:
1) حماية الصناعة الوليدة من المنافسة الدولية.
2) تقديم الدعم التمويلي ودعم الموازنة العامة لهذه الصناعات.
3) تطوير بنية تحتية محلية لقطاعات النقل والاتصالات والطاقة.
4) توسيع السوق المحلي بحيث يكون قادراً على استيعاب المنتجات الصناعية المصنعة محلياً وذلك من خلال الإجراءات المناسبة لتوزيع الدخل.
5) الإسهام المباشر وغير المباشر للاستثمارات الأجنبية.
6) حكومة قوية ومتماسكة من نوعية جديدة تعبر عن الطبقات الصناعية الناشئة.
ولكن هذه الشروط النظرية قد تجد صعوبة كبيرة عند تطبيقها على أرض الواقع فعلى سبيل المثال يصعب حماية الصناعات الوليدة في ظل اقتصاديات السوق ولكن هذا لا ينبغي إمكانية حدوث ذلك من خلال بعض السياسات كالإعفاءات الضريبية والعمل على فتح أسواق محلية وعالمية.
ويجب الإشارة إلى أهمية دور كبار رجال الأعمال والشركات العملاقة في العمل على تحقيق هذا الهدف فعلى سبيل المثال نجد الشركة (سابك) في المملكة العربية السعودية والتي تعمل في قطاعات صناعية وزراعية وتعدينية متعددة فهي تعتبر مثال للدور الذي يجب أن تلعبه الشركات العملاقة في تحفيز تنوع الاقتصاد.
ولكن إذا أرادت هذه الشركات العمل على تحقيق هذا الهدف يجب أن تعمل على:
1 - نقل التقنيات العالمية الحديثة إلى الدول الخليجية وبناء أجيال صناعية خليجية قادرة على حملها وتطويرها.
2 - استثمار الموارد الهيدروكربونية والمعدنية واستغلال الميزة النسبية التي توفرها بدلاً من تصديرها خامات، لما في ذلك من إضافة كبيرة لقيمة هذه الموارد واجتناب تذبذب أسعار المواد الأولية في الأسواق العالمية وتأثيراته على أداء واستقرار الاقتصاد الوطني.
3 - إيجاد قاعدة صلبة من المنتجات الأساسية التي تشكل مرتكزاً لقيام أجيال ممتدة من الصناعات المكملة والمساندة التي تحقق التكامل الصناعي داخل البلاد وتقلل تدريجياً عمليات الاستيراد وتحفز القطاع الخاص على الاستثمار في المجالات الصناعية.
4 - اللحاق بركب العالم الصناعي، فتح منافذ وقنوات تسويقية جديدة بمنتجات أخرى بما يؤدي إلى تنويع مصادر الدخل القومي ودعم إيرادات البلاد من العملات الحرة بحيث لا يظل الاعتماد على البترول وحده.
وتطبيقاً على ذلك نجد (مجمع سابك الصناعي للبحث والتطوير) بالرياض الذي يعد من أحدث مرافق البحث العلمي ويلعب دوراً مهماً في تطوير المنتجات والتطبيقات والاستخدامات.
الثروة البشرية:
إن الإنسان المؤهل المدرب هو أساس التنمية ولا تقوم أية تنمية قبل تنميته وهو رأس المال الاجتماعي الذي يستثمر كل رؤوس الأموال المادية ولذلك محل تدريب وتأهيل العناصر الوطنية وكذلك السعي نحو إحلال الوطنيين محل الأجانب تدريجياً في المجالات التقنية.
التنمية الزراعية:
وإن الهدف من تنوع الاقتصاد يكمن في عدم الاعتماد على مصدر واحد من مصادر الدخل القومي والذي قد يتأثر لأي سبب من الأسباب وكذلك تحقيق الاكتفاء الذاتي وهو بصورة عامة الدرجة التي يستطيع بها بلد ما تغطية احتياجاته خاص الغذائية من إنتاجه المحلي الخاص.
فقد يبدو أن البلد يملك سيطرة أكبر على إمداداته الغذائية إذا لم يكن معتمداً على الأسواق العالمية حيث يمكن أن تأتي الواردات الغذائية من بلدان لها مواقف سياسية عدائية حيال هذا البلد.
وقد خطت المملكة السعودية خطوات واسعة في مجال استصلاح الأراضي واستخدام الوسائل التكنولوجية في زراعة الأراضي للوصول إلى درجة أعلى نسبياً من الاعتماد على الذات في مجال الإنتاج الغذائي وكذلك الثروة الحيوانية.
إذن فإن تنوع الاقتصاد يعتبر أساسياً لقيام عملية تنموية تتسم بالدوام والاستمرارية نظراً لعدم الاعتماد على رافد واحد من روافد الدخل القومي ووجود درجة أكبر من الاكتفاء الذاتي وكذلك تنوع النشاط الاقتصادي في دول مجلس التعاون مما يزيد من التجارة البينية وصولاً إلى حالة من التكامل الاقتصادي تلائم الطموحات المرجوة.
|