|
انت في"عزيزتـي الجزيرة" |
| |
في صحيفتكم لعددها 12365 قرأت ما كتبه الدكتور صالح بن سبعان تحت عنوان: وقفة مع النفس .. ماذا قدمنا للوطن، وفيما يتعلّق بالموضوع ذاته، فإنّ ما يهمني كثيراً بصدده ضمن نقاط جوهرية كثيرة قد استعرضها الدكتور - وفّقه الله - وبشكل دقيق وواضح هو ما يدور في فلك البطالة في مجتمعنا والتي باتت حديث الساعة لمعظم الناس اليوم، سواء من خلال مجالسهم الخاصة أو العامة أو من خلال وسائل الإعلام المختلفة، وخاصة مع تزايد أعداد الخريجين والخريجات من المعاهد والكليات والجامعات عاماً بعد عام. فبالنظر إلى هذه القضية من جميع جوانبها، نجد أنّ مجتمعنا ليس هو الوحيد على هذه البسيطة ممن يشكو هذه البطالة، وإنّما هناك الكثير من مجتمعات الأرض قاطبة ممن يشكون من هذه البطالة، بما فيها تلك المجتمعات التي تعيش في أحضان الدول المتقدمة حضارياً، والتي كان لإحلال الآلة وتقنيات العصر محل الأيدي العاملة في كثير من المناشط الحياتية لديهم، الأثر الكبير في تفشي مثل هذه الظاهرة، وهذا ما يجب التأكيد عليه أولاً. أمّا ثانياً: فإنّ هذه المشكلة لم يعد سببها الوحيد هو عدم وجود وظائف شاغرة، بعد تجاوزنا بطبيعة الحال للحكومية منها، بدليل أنّه يعمل بين ظهرانينا ما يقارب من سبعة ملايين عامل وافد، وإنّما يعود ذلك إلى عدم رغبة كثير من شبابنا للانخراط في كلِّ ما هو مهني أو فني، لاعتقادهم بأنّ هذه الأعمال تقلل من شأنهم أو تحط من قدرهم ومكانتهم الاجتماعية، أو أنّها ذات راتب أقل أو أنّها تتضمّن مهام وواجبات عديدة، وتحتاج إلى مجهودات كبيرة ليس باستطاعتهم القيام بها، وهي النظرة الخاطئة التي لا نرى لها أي مبرر على الإطلاق ما دامت هذه الأعمال تُعَد أحد طرق كسب المال المشروع الذي يبعدهم عن الحرام وذل السؤال بمختلف طرقه ووسائله، عدا ما تهيئه لهم مثل هذه الأعمال المهنية من استثمار حقيقي لوقتهم بما هو مفيد لهم ولأُسرهم، ولهذا المجتمع وهذا الوطن العزيز، الذي أعطانا جميعاً الشيء الكثير ولا يزال ينتظر منا ولو بالقدر اليسير مما أعطانا إياه كنوع من رد الجميل، فالعمل الشريف ليس فيه عيباً البتة وليدرك شبابنا من هذا النوع أيضاً والذين لا تروق لهم إلاّ الأعمال ذات الكراسي الدوارة والأمكنة الوثيرة بأنّ الكثير من أنبياء الله عليهم السلام، وهم قدوتنا الصالحة، قد قاموا بمثل هذه الأعمال المهنية ولم يروا فيها عيباً أو أنّها مدعاة يوماً من الأيام للحط من قدرهم أو مكانتهم الاجتماعية .. فنوح عليه السلام كان نجاراً وداود عليه السلام كان حداداً ونبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام رعى الغنم، وبناءً عليه فإنّ العمل مهما صغر أو كان بسيطاً أو متواضعاً لا نرى فيه بأساً أو عيباً ونكررها لمرات عدة ما دام يُعَد وسيلة مشروعة لكسب الرزق الحلال ودونما منّة من أحد، إنما العيب وبالكاد أن يجلس الإنسان بدون عمل وينتظر الناس من حوله .. أعطوه أو منعوه، أو كما قال عمر بن الخطاب الخليفة الراشد رضي الله عنه: لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق فيقول اللهم ارزقني وقد علم أنّ السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة. وإنّما يتوجّب عليه السعي الحثيث لكسب المال ولقمة العيش السائغة الهنيئة بكلِّ ما أتيح له من وسائل .. قال تعالى: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}، وفي الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: (لأن تحتطب وتبع خير لك من المسألة)، أما ثالثاً: - وهو ما يجب التأكيد عليه هنا - هو أنّ الوظيفة ليست شرطاً أن تكون مقترنة بالأعمال الحكومية وإنّما تتجاوزها لتشمل مختلف الأعمال والمناشط التي يقوم بها الإنسان في أي مجال من مجالات الحياة، بقصد كسب لقمة العيش أو لكسب الأجر من خلال الأعمال التطوعية. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |