* القاهرة - مكتب الجزيرة - عتمان أنور - علي فراج:
مرة أخرى يفرز العالم الغربي أسوأ ما فيه من مواقف وتصريحات تصب كلها في تأجيج الصراع بين الثقافات والحضارات، وكأن العقلية الغربية مازالت تختزل في تلافيفها تلك العقلية القديمة العنصرية الصليبية التي حاربت الشرق ونهب أمواله تحت مزاعم دينية، إن ما فعله الفاتيكان بنديكت السادس عشر ينم عن جهل من ناحية، وعن عنصرية من ناحية أخرى، وكان يحتم على ذلك الرجل القابع فوق أكبر كرسي ديني مسيحي أن يختلط لكلامه وأن ينظر لقدمه قبل الخطو موضعها، أما أن يهيم في تصريحاته دون اعتبارات فهو بذلك يعلنها حرباً جديدة ستكون الإنسانية هي الخاسرة كلها وليس منطقة بعينها أو أبناء دين معين، وقد أجمع مفكرون وعلماء دين مسلمون ومسيحيون على أن تصريحات بابا الفاتيكان تنم عن جهل كبير مطالبين إياه بالاعتذار الفوري وتعالت في مصر كما في العالم الاسلامي أجمع صرخات الغضب ضد تصريحات البابا، وطالب سياسيون ومفكرون مصريون بغلق سفارة الفاتيكان بالقاهرة وقال الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر: إن هذه التصريحات تنم عن جهل واضح بالإسلام وتنسب إليه ما ليس فيه، ولا تسهم على نحو بناء في تعزيز الحوار بين الأديان. وأضاف الإمام الأكبر، إنه دعا أعضاء مجمع البحوث الإسلامية إلى عقد جلسة طارئة بمشيخة الأزهر، لبحث هذه الأكاذيب وإصدار بيان يفندها ويرد عليها.
ووصف شيخ الأزهر ما قاله البابا بأنه أثار مشاعر الغضب لدى أكثر من مليار وثلاثمائة مليون مسلم حول العالم، كما أنه يمثل ردة كبيرة في جهود حوار الأديان على مستوى العالم.
من ناحيتها رفضت الكنيسة القبطية المصرية بقيادة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية تصريحات بابا الفاتيكان، وأكد الانبا مرقس المتحدث الرسمي باسم الكاتدرائية المرقسية أن الكنيسة ترفض تماماً تصريحات بابا الفاتيكان. وقال: إن الديانة المسيحية تأمرنا بحب الآخر مهما كانت عقيدته، وكما إنني أحب من يمتدح السيد المسيح، وأيضا ينبغي أن نحترم نبي الإسلام ومن يتبعونه ولا يجوز أن نمس مشاعر الآخرين.
وقال نرفض تماماً المساس بالرموز الإسلامية ونرفض الإساءة لنبي الإسلام وصحابته، ونحن هنا في الشرق الأوسط نعيش في حب لا نفرق بين إنسان وآخر بسبب الدين أو اللون أو الجنس، ونرجو من الغرب أن يقتدي بتعاملاتنا مع الآخر.
وقال: أدعو بابا الفاتيكان إلى زيارة مصر ليرى الامتزاج في احتفالات الكنائس والمساجد، ووجه الأنبا مرقس سؤالاً لبابا الفاتيكان قائلاً: إذا كنت تنتقد الاسلام وتصفه بالعنف فماذا عن الكنيسة الكاثوليكية في العصور المظلمة هل أدانت ما انتهكته في هذه العصور، وأضاف أن الرموز الإسلامية بدءا من نبي الإسلام وصحابته قادوا العالم ولا يزالون في أمور كثيرة.
وأكد القس راضي عطا الله راعي الكنيسة الانجيلية بالاسكندرية أن بابا الفاتيكان مثل المجتمع الغربي لا يعرف سماحة ومحبة الدين الاسلامي ويجهل تماما حقيقة هذا الدين وعلاقة الإسلام بالعقل، وأعلن الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب رفضه ورفض المجلس لتصريحات بابا الفاتيكان الهجومية ضد الإسلام وللرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم-.
قال الدكتور سرور: إن هذه التصريحات تعكس جهلا مطبقاً بالإسلام وما جاء فيه من سمو وطالب سرور وبسرعة اعتذار البابا عن هذه التصريحات التي أثارت استياء واستنكاراً وغضباً عارمين معرباً عن دهشته البالغة واستنكاره الشديد لما ورد في محاضرة البابا بنديكت السادس عشر التي ألقاها الثلاثاء الماضي بجامعة ريجسنبرج بألمانيا من هجوم مسيء إلى الإسلام وسيرة نبيه الكريم. واعتبر بيان للبرلمان المصري أن هذا الهجوم حلقة من حلقات معاداة الإسلام التي كان من مظاهرها مؤخراً نشر رسوم كاريكاتيرية مسيئة للنبي محمد- صلى الله عليه وسلم- وهو ما يعيد إلى الذاكرة معاداة الكنيسة الكاثوليكية للدين الإسلامي منذ القرن الثامن الميلادي قال البيان: إن حديث البابا اعتمد على تأويل مغلوط لبعض النصوص القرآنية وعلى فهم خاطئ لمبادئ الإسلام متجاهلاً حقيقة ما يحمله الإسلام من قيم سامية نقلت عنها الحضارة الغربية وتنم تصريحات بابا الفاتيكان بشأن الإسلام ورسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم- عن جهل مطبق بالإسلام وما جاء به من سمو في مخاطبة العقل والفؤاد معتمداً المنطق منهجاً أصيلاً له الأمر الذي جعله مشعل هداية ونور علم استضاءت به أوروبا في عصور الظلام، وقال بيان لمجلس الشعب المصري: إن هذه التصريحات خلط بين الإسلام كعقيدة دينية وبين التيارات السياسية التي ترتدي عباءة الإسلام، فالإسلام- وهو دين التسامح والإخوة والمحبة والسلام- يهدف دائماً إلى بناء علاقات متينة مع أتباع الديانات الأخرى، ولكنه لا يلقى غالباً نفس المعاملة من أولئك الأتباع.. أضاف البيان إن هذه اللغة التي استخدمها البابا هي لغة عدائية قديمة مرفوضة، وسبق أن عرفها المسلمون على ألسنة نظرائه إبان الحروب الصليبية على العالم الإسلامي، وتعيد الذكريات الأليمة التي وقعت علي خريطة العلاقة بين الشرق الإسلامي والغرب المسيحي، ومن ثم فإن مجلس الشعب المصري ينتقد هذه التصريحات ويرفضها بشدة إذ من شأنها أن تنسف الجهود المبذولة للتقارب والحوار بين الحضارات، وليس صحيحاً أن الإسلام قام على حد السيف كما يزعمون.
فقد قال تعالى في قرآنه الكريم {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}وفي موضع آخر {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}. وفي موضع آخر {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}.
أكد البيان أن مجلس الشعب المصري يذكر الجميع بأن الحضارة الأوروبية مدينة للنهضة الإسلامية التي حملت مشعل الحضارة في الأندلس وجنوب إيطاليا.
وفي اليونان ويشدد المجلس على أن ازدراء الأديان تحت مسمى حرية التعبير أمر غير مقبول يتنافى مع ما أقره المجتمع الدولي من خلال العديد من المواثيق والقرارات الدولية في هذا الشأن، وينبه مجلس الشعب البابا إلى أن الإسلام قد انتشر في مختلف ربوع العالم انتشاراً سلمياً حتى بلغ عدد المسلمين في العالم ملياراً وثلاثمائة مليون مسلم، ونحو عشرات الآلاف من الأوروبيين واليابانيين والأمريكيين والأستراليين الذين يعتنقون الإسلام سنوياً دون ضغط أو إكراه في عصر لا يمارس فيه العنف والبطش إلا أتباع ديانات أخرى.
وقد أعلن الإسلام وجهته في ذلك في قوله تعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ، وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ}. هذا هو منهج الإسلام الذي يقابله منهج البعض من غير المسلمين في الإبادة الجماعية وارتكاب جرائم الاعتداء على الإنسانية..
وأعرب مهدي عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين عن استنكاره واستهجانه لتصريحات البابا، مؤكداً أنها لا تعبر عن فهم صحيح للإسلام، بل هي اجترار للأفكار المغلوطة والمشوهة التي تتردد في الغرب.
وقال عاكف: إنه بينما تتعالى دعوات العقلاء لفتح قنوات الحوار بين الغرب والعالم الإسلامي بما يخدم القضايا الإنسانية العامة تأتي تصريحات بابا الفاتيكان لتصب النار على الزيت، وتشعل غضب العالم الإسلامي كله، وتؤكد حجة القائلين بعداء الغرب سياسيين ورجال دين لكل ما هو إسلامي، معرباً عن دهشته أن تصدر مثل تلك الأقوال من شخصية تجلس على قمة الكنيسة الكاثوليكية ولها تأثيرها علي الرأي العام في الغرب.
ودعا المرشد بابا الفاتيكان إلى الاعتذار عن هذه التصريحات التي من شأنها أن تؤجج العداوة بين أتباع الأديان السماوية وتهدد السلام العالمي، كما دعاه إلى دراسة منصفة بعيدة عن التعصب وطالب حكومات الدولة الإسلامية ومنظمات المجتمع المدني بإعلان احتجاجها عن تلك التصريحات والتهديد بقطع العلاقات مع الفاتيكان إذا لم يعتذر البابا عن أقواله، واستنكرت الجماعة الإسلامية بمصر في بيان لها تصريحات بابا الفاتيكان التي تطاول فيها على الإسلام وقالت: إن هذه التصريحات تدعو الى العنصرية كما أنها تشعل فتيل التعصب فى العالم كله، ودعا بيان الجماعة الإسلامية بابا الفاتيكان إلى الاعتذار الى الإسلام والمسلمين.
واعتبر الكاتب والمفكر الإسلامي فهمي هويدي هجوم بابا الفاتيكان على الإسلام وعلى الرسول- صلى الله عليه وسلم- تصرفاً بلا حكمة ولا كياسة ويدل على عدم معرفة.
وأضاف هويدي: (بابا الفاتيكان ليست لديه معلومات عن الإسلام وليس لديه ذوق كي يتحدث بهذا الشكل عن الدين الإسلامي وعن رسوله الكريم، وهذا الرجل سبق له أن كفر المسيحيين الأرثوذوكس من قبل عندما قال: إن الإيمان الكاثوليكي هو الإيمان الصحيح.
وهو بذلك يكفر الأرثوذكس والبروتستانت وباقي الديانات.
ونفى هويدي أن تكون تصريحات بابا الفاتيكان امتداداً لحملة الإساءة للرسول -صلى الله عليه وسلم- وللدين الإسلامي التي بدأت بالرسوم المسيئة للرسول- صلى الله عليه وسلم- في الدنمارك لكنه وصف بابا الفاتيكان بأنه متعصب منذ أن كان في ألمانيا وقال هويدي: أظن أن الأمر ليس خطيراً لأن تأثير الكنيسة الكاثوليكية الأكبر في أمريكا اللاتينية، وليس في أوروبا، وأمريكا اللاتينية ليس بها جاليات إسلامية كبيرة، كما أن مسيحيي مصر من الأرثوذكس الذين يعاديهم بابا الفاتيكان، ويعتبر أنهم لا يمثلون الإيمان الصحيح، وأضاف هويدي: إنه لم يعد مقبولاً أن يكون هناك حوار مع الكنيسة الكاثوليكية.
وقال المفكر الإسلامي طارق البشري: إن تصريحات بابا الفاتيكان تتم عن جهل وعدم معرفة بالإسلام وكراهية من شأنها إحياء روح الحروب الصليبية الخاصة بالقرون الوسطى، وكنا نربأ به أن يتحدث فيما لا يعلم.
وأضاف البشري أن قول بنديكت بأن الدين الإسلامي لا يعطي مساحة للعقل هو جهل مطلق منه، لأن الإسلام به سمو عقلي غير مسبوق، والمعجزات في الدين الإسلامي تتمثل في القرآن، وليس في أحداث مادية محدودة مما يجعله ديناً متجددداً بشكل دائم.
وأكد الداعية الإسلامي الشيخ يوسف البدري أن ما قاله بابا الفاتيكان يوضح أنه لم يقرأ في الإسلام نفسه، وإنما قرأ كتابات عن الإسلام فأصبح عبداً لما قرأ، مشيراً إلى أنه لو قرأ القرآن والسُنة المحمدية لما كان قال ذلك، وقال البدري: على بابا الفاتيكان أن يعتذر عما صدر منه من أقوال، ولا بد أن يقتص منه لأنه أساء إلى عقيدة تخص مليار شخص أي ثلث سكان العالم، وبالتالي يجب أن يحاسب على ذلك.
وأضاف عندما قلنا: إن نظرية المؤامرة ضد الإسلام حقيقة وليست مجرد أوهام اتهمنا بعضهم بالتجني على الغرب، وها هي تصريحات بابا الفاتيكان تؤكد صحة المؤامرة الغربية على العالم الإسلامي، وتمثل حلقة جديدة من حلقاتها التي بدأت منذ خروج المسلمين من أوروبا، ومروراً بالحروب الصليبية ثم الاحتلال الغربي للعالم الإسلامي، واستخدام المسلمين كوقود خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، موضحاً أن حلقات هذه المؤامرة ما زالت مستمرة حتى الآن على يد الولايات المتحدة الأمريكية في العراق وأفغانستان، وفي طريقها للتنفيذ في السودان وإيران.
وتساءل البدري مَنْ أصحاب الشر في العالم أتباع محمد- صلى الله عليه وسلم- أم هؤلاء المعتدون، وقال: إن مفكري الغرب مثل هينتنجتون صاحب نظرية صراع الحضارات يكملون حلقات المؤامرة حيث قال هذا المفكر: إن الإسلام هو الذي يجب أن نوجه إليه السهام حفاظاً على الحضارة الغربية بينما جاء محمد- صلى الله عليه وسلم- بالخير والرحمة والتآلف ونبذ الدمار والخراب، وقال له ربه{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }(107) سورة الأنبياء أي ليس رحمة للمسلمين فقط، ولا للبشر جميعاً فقط، وإنما لكل الكائنات والمخلوقات، وأشار إلى أنه على البابا أن يقرأ تاريخ أوروبا الأسود، وتاريخ أمريكا الأكثر سواداً قبل أن يقول هذا الكلام، وأضاف البدري أن الذي جر البابا لمثل هذه التصريحات هو ضعف المسلمين وتخاذلهم وحرصهم على الدنيا، وقد حذر الرسول- صلى الله عليه وسلم- من ذلك عندما قال
( توشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها) موضحاً أن الرسول- صلى الله عليه وسلم- قال ضربة بالسيف في عز خير من ضربة سوط في ذل، وشدد على أن الرد على هذا الكلام لا يكون إلا من خلال الوقوف وقفة موحدة للأمة، ورفع دعاوى في المحافل الدولية ضد هذه الاعتداءات، وإعداد القوات تحسباً لما يجد في المستقبل.
وصف الدكتور زغلول النجار تصريحات بنيديكت بأنها تنمُّ عن جهلٍ واضحٍ لأعلى سلطةٍ في هذه الكنيسة عن الإسلامِ وسيرةِ نبي الإسلام لأنه لو قرأ القرآن الكريم أو من خلال ترجمته أو قرأ سيرةَ النبي- صلى الله عليه وسلم- ولو حتى من كتاباتِ الغرب لأدرك مدى خطئه الشديد فيما قاله، وقال النجار إنه لا يوجد دينٌ على وجه الأرض يعتمد على العقل بنسبة 100% كما يفعل في الإسلام، بينما يختلف الوضع في الكنيسة الكاثوليكية التي أكد الدكتور النجار أنه ومن خلال مناقشاتٍ كثيرةٍ مع زعمائها وكهنتها رفضوا إعمال العقل في مناقشةِ قواعد عقيدتهم.
وقال النجار: إن الادعاءَ الباطلَ بأن الإسلام انتشر بحدِّ السيفِ لا أساسَ له من الصحة؛ لأن هناك أصلاً من أصول الإسلام وهو {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} و{لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}، ولو أن الإسلام انتشر بحد السيف ما بقي في ظل الدولة الإسلامية هذه الملايين من المسيحيين واليهود، وعلى العكس تمامًا فإنَّ المسيحيين حاولوا فرض المسيحية على المسلمين بحدِّ السيف، والدليل على ذلك الحروب الصليبية التي راح ضحيتها في يوم احتلالِ القدس أكثر من 80 ألف نفس، فضلاً عما حدث للمسلمين بالأندلس.
وأضاف النجار أنَّ ما جاء على لسان بنيديكت كلامٌ مسيءٌ لمليار ونصف المليار من المسلمين، ولا ينم عن شيءٍ من الحكمةِ، وأن ما نطق به أمرٌ مسيء وغير إنساني، كما أنَّ الاستشهادَ الذي قام به لا ينمُّ عن شيءٍ من الفهم أو شيء من العقل أو الحكمة، ويكفي أن يعلم البابا والألماني الجنسية أن ألمانيا فيها مليونا مسلم، وطبقًا لما يُذيعه التليفزيون الألماني نفسه فإن هناك أعدادًا كبيرةً من الألمانِ يدخلون الإسلام كل عام، ولذلك فإنه من أبسطِ معاني الذوق ألا يجرح هذا البابا مشاعرَ المسلمين في ألمانيا التي ألقى بها محاضرته.
وأكد الدكتور النجار أنه من الواضحِ أن تصريحات بنيديكت لتحقيق مكاسبَ شخصية يدخل بها التاريخ خاصةً وأنه ليس له أي جهدٍ ملموسٍ منذ اختياره للباباوية، مضيفًا أن بنيديكت السادس عشر يريد أن ينتهز هذه الفرصة ليسبح مع التيارِ السياسي العالمي ضد الإسلام الذي تُحركه عصابةٌ من الإنجليين الجدد، وخلق علاقة مع الكنيسة المسيحية الصهيونية.
وقال النجار: إنه كان أولى للبابا أن يسدد هجومه على تيارِ الإلحادِ والكفر والشرك الذي يسود أوروبا الغربية والولايات المتحدة، كما يجب عليه أن يُثقِّف نفسه في أمرِ الدين الإسلامي.
وقال الدكتور علي السمان - رئيس لجنة حوار الأديان والحضارات بالمجلس الأعلى للبحوث الإسلامية إنه قد يكون هناك اختلافٌ مع قيادةٍ دينيةٍ مثل بابا الفاتيكان، لكن ذلك لا يعني أننا نختلف مع المسيحيين جميعًا.
ودعا السمان البابا والقيادات المسيحية إلى الحذرِ عن مثل هذه التصريحات لما يمكن أن يكون لها تأثيرٌ سلبي، داعيًا الفاتيكان إلى توضيحٍ عمَّا قاله البابا وأشار الدكتور كمال حبيب القيادي السابق بتنظيم الجهاد إلي أن بابا الفاتيكان الحالي من أكثر الباباوات تشدداً وتعصباً ضد الإسلام، موضحاً أن الفاتيكان ليس مجرد هيئة دينية فقط، وإنما هي هيئة سياسية بدليل أن لها تأثيراً على السياسة الدولية، كما أنها تلعب دور الرديف لأجهزة المخابرات الأمريكية وأضاف: منذ القرن الثامن عشر وحتي نهاية موجة الاستعمار الغربي واجه المسلمون حملات التبشير ثم الاستشراق من خلال علماء الغرب المشبعين بروح صليبية، وهذه السياسة لاتزال مستمرة، والفاتيكان لديها خطة طويلة للتنصير، وخطاب البابا السابق الذي كان يوم الجمعة في مصر بالأستاد الرياضي جاء محملاً بفكرة إنشاء عالم تسود فيه ديانة واحدة وهي المسيحية وأشار حبيب إلي أن الأزهر الشريف لابد أن يرد علي مثل هذه التصريحات المتعصبة، خاصة أن علماءه يشاركون في حوارات مع الفاتيكان.
والأفضل أن ينسحب الأزهر من هذه الحوارات لأن حوار الأديان هذا أداة لتوظيف الدين من أجل أهداف دينية ونزع فكرة الولاء والبراء من الإسلام، ونزع فكرة الجهاد عن الإسلام، ولذلك على الأزهر أن يصدر بياناً يدين هذه التصريحات، وشنَّ الدكتورُ نبيل لوقا بباوي- عضو مجلس الشعب المصري وأحد قيادات الأقباط بمصر- هجومًا على بنديكت السادس عشر وقال: إنَّ هذه التصريحاتِ غير مسئولة، ولا تُعبِّر إلا عن شخصِ صاحبها، ولا يمكن أن تُعبِّر عن الطائفةِ الكاثولكية كلها، مؤكدًا أن هذه التصريحاتِ ممكن أن تفتح الباب لحربٍ طائفية، مؤكدًا أن كلامه يحمل استفزازًا للمسلمين وقال: إنَّ هذه التصريحاتِ لم يكن لها داعٍ على الإطلاق؛ لأن ضررها وتداعياتها على المستوى العالمي لا حدودَ لها، مشيرًا إلى استياءِ المسيحيين من هذه التصريحات، وطالب بنديكت السادس عشر بالاعتذارِ عنها وتوخي الحذر فيما يقوله ويُصرِّح به، وأكد المفكر القبطي جمال أسعد عبد الملاك أن بابا الفاتيكان الحالي قبل أن يكون بابا كان رئيساً للجنة العقيدة، ومعروف عنه تشدده المتطرف للعقيدة الكاثوليكية، فهو لا يرفض الأديان الأخرى فقط بل يرفض جميع الكنائس غير الكاثوليكية، فهذه طبيعته، وهذا تكوينه بخلاف البابا يوحنا بولس الثاني، وأضاف عبدالملاك أن البابا بتصريحاته قد أعاد وجهات نظر من القرن الرابع عشر كانت تتسق مع الظروف السياسية في ذلك الوقت، ولا نعلم ما الحكمة في إعادة مقولات من العصور الوسطى لا تتماشى مع الظروف السياسية الراهنة.
وأشار عبد الملاك إلى أن بابا الفاتيكان يتبنى وجهة النظر الأمريكية التي تربط بين الإسلام والإرهاب، خاصة بعد 11 سبتمبر، وذلك من أجل أن يقول: إنه موجود، وأكد عبدالملاك أن تصريحات بابا الفاتيكان تؤجج نار الصراع الحضاري، وتؤكد على ما يسمى الصراع الديني، وحذر عبدالملاك من الخلط بين تصريحات بابا الفاتيكان وبين مسيحيي الشرق، ومنهم الكاثوليك لأن موقفهم مختلف من موقف بابا الفاتيكان المتعصب.
وقال المفكر القبطي الدكتور إكرام لمعي مدير كلية اللاهوت بالكنيسة الإنجيلية: أرفض هذه التصريحات من رجل مسؤول مثل بابا الفاتيكان، لأن هذا الكلام في منتهى الخطورة، وما كان يجب أن يقوله البابا حتى، ولو كان يعبر عن كلامه عن أفكاره التي يؤمن بها، لأنه لا يمثل نفسه، ولكنه يمثل الكاثوليك في العالم، بل وهناك من يعتبر أنه يمثل جموع المسيحيين في العالم كله، وأضاف أرى أن هذا الكلام غيرمسؤول ولا يصح لرجل في مركز بابا الفاتيكان، أي على قمة الكنيسة الكاثوليكية أن يقول ذلك عن الإسلام، وحتى لا يحق له أن يقول عن الهندوسية أو البوذية رغم أنها ديانات غير سماوية، فما بالنا بالإسلام، كما أنها جاءت في توقيت نسعى خلاله لإزالة روح التعصب بين الجانبين، وأوضح أن هذه التصريحات تعبر عن مدرسة موجودة في الغرب تنظر للإسلام هذه النظرة الخاطئة موضحا أن المنتمين إلى هذه المدرسة يعتبرون أن المجيء الثاني للمسيح لا بد أن يسبقه عودة اليهود للقدس وطرد العرب منها، ما يعني ضرورة نشوب حرب..
وأعربت الكتلة البرلمانية لنواب الإخوان المسلمين بالبرلمان المصري عن بالغ قلقها من تصريحات البابا بنديكت السادس عشر بابا الفاتيكان بشأنِ الإسلام والرسول- صلى الله عليه وسلم- وأكدت الكتلة في بيانٍ لها صدر أنها ترى في هذه التصريحات جهلاً كاملاً بتعاليم الإسلام، وما جاء به الرسول- صلى الله عليه وسلم- وتؤكد أنَّ هذه التصريحات تُمثل خطورةً على أي حوارٍ إسلامي مسيحي خاصةً وأنها صادرة عن قمة الكنيسة الكاثوليكية.
وطالبت الكتلة بابا الفاتكيان باعتذارٍ رسمي وعاجل عن هذا الخطأ الفادح في إدارةِ العلاقات الإسلامية المسيحية، كما دعته إلى الاستجابةِ لمطالب علماء المسلمين بدراسة الإسلام جيدًا قبل أن يصدر مثل هذه التصريحات التي من شأنها افتعال الأزمات وحملت الكتلة الحكومات العربية والإسلامية مسئولية الإساءة إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- بتخاذلها أمام مَن سبق وتطاول على المقدساتِ الإسلامية، كما حدث من الدنمارك، وطالبتهم بتصعيد الأمور دوليًّا واتخاذ الإجراءاتِ التي من شأنها حماية المقدسات الإسلامية.
وقال بيان للكتلة تلقت الكتلة البرلمانية لنواب الإخوان المسلمين بالبرلمان المصري ببالغ القلق تصريحات البابا بنديكت السادس عشر بابا الفاتيكان بشأنِ الإسلام والرسول- صلى الله عليه وسلم- وترى الكتلة في هذه التصريحاتِ جهلاً كاملاً بتعاليم الإسلام وما جاء به الرسول- صلى الله عليه وسلم-، وتؤكد أنَّ هذه التصريحات تُمثل خطورةً على أي حوارٍ إسلامي مسيحي خاصةً وأنها صادرة عن قمةِ الكنيسة الكاثوليكية، وقال النائب مصطفى بكري في طلب إحاطة قدمه للبرلمان: إن مصر بلد الأزهر لا يمكن أن تصمت على هذا الاعتداء السافر على الإسلام وقيمه السمحة ورسوله الكريم- صلى الله عليه وسلم-، مطالبا بإغلاق سفارة الفاتيكان في مصر وقطع العلاقات معها، ووضع اسم البابا بنديكت ضمن قائمة الممنوعين من دخول مصر، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بمحاكمته محاكمة دولية بتهمة الإساءة للإسلام.
|