الإبهار الذي هو عليه اليوم سوق عاصمة التمور بريدة من غزارة في الإنتاج والذي وصل إلى أرقام قياسية وغير مسبوقة وجودة متناهية للتمور المعروضة والتي يتصدرها السكري الثمرة التي نشأت في بريدة وتحديداً في حويلان في مزرعة الجمعة وانتقلت منها إلى مزارع بريدة الأخرى قبل أن يتم تصديرها لبقية مناطق ومدن ومحافظات المملكة.
وبتوافق مع روعة في التنظيم بفعل همة الرجال المخلصين الذين استشعروا أهمية هذه الثروة الوطنية وشكلوا فريق عمل واحد شعارهم الإخلاص وهدفهم خدمة المزارع والمستثمر في آن معاً بتناغم غاية في الروعة وانسجام فريد ينم عن صدق انتماء ومواطنة حقة .. جعلت من السوق تظاهرة اقتصادية كبرى لفتت الأنظار وجلبت المتسوقين والزوار في لوحة فنية رائعة يستعصي على الفنان رسمها ويعجز اللسن عن وصفها.
أكسبت القلوب بهجة وأعطت لكل ذي حق حقه وأوجدت المزارع في دائرة الاهتمام والضوء ووفرت للمستثمر والزائر روعة الجو .. كل هذا وما سيعقبه من نجاحات وطد العلاقة بين المزارع والنخلة مما سيسفر عنه المزيد من الاستزراع وسيدفع المنظمين إلى تسريع إنشاء مدينة التمور العالمية في عاصمة التمور بريدة والتي كنا نراها في سابق الأيام حلماً يراود كلاً منا ها هي قد أصبحت اليوم قريبة من الواقع بعد أن شاهدنا اكتمال تصاميمها والاقتراب في شروع تشييدها.
تلك المدينة التي نراهن على أنها ستكون نقطة تحول في الاهتمام بهذه الثروة الوطنية ومعلماً يشار إليه بالبنان .. حيث ستكون مدينة متكاملة تتوافر فيها كل المقومات الضرورية لبيع وشراء وتوزيع وتصنيع التمور ومشتقاتها كما ستضم مراكز للإرشاد والاتصالات والتسويق ليس داخل الحدود فقط بل على مستوى العالم كله.ولأننا في هذه المدينة لا نرتضي بغير الإبهار ولا غير الروعة في كمال المنشأة أو المعلم واكتمال العناصر..
آمل من مشيدي هذه المدينة في أمانة منطقة القصيم أن يتوافق هذا العمل الجبار والفريد من نوعه مع إعداد للكوادر الوطنية من الحارس إلى مدير المدينة لكي تدير المدينة الحلم بكفاءة واقتدار على مدار العام .. مقترحاً في هذا الصدد أن يكون للمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني ممثلة في معالي الدكتور النشط علي الغفيص محافظ المؤسسة مبادرة في تهيئة النشء الجديد الذي سيدير المدينة من حيث استحداث أقسام جديدة في كليتي الزراعة التقنية والتقنية ببريدة لتخريج دفعات من الشباب الطموح المؤهل في إدارة هذه المدينة.
وحسب علمي فإن أغلب الأقسام موجودة حالياً لكن إن تطلب الأمر ذلك لا سيما في أقسام الصيانة والتكييف والتعليب والاتصالات والتسويق والعلاقات العامة فبذلك تكون فرحتنا مزدوجة أن أوجدنا مدينة عالمية تديرها سواعد وطنية 100% وثمة نقطة أخرى أود أن أضيفها ما دمنا في خضم الحديث عن الأسواق وبريدة معروف عنها أنها مدينة الأسواق وأن أهلها تجار، والذي لم يكن منهم كذلك فهو يحمل عقلاً تجارياً أوهماً يدفعه دوماً للمبادرة في إنجاح ما يقام على هذه المدينة العزيزة من بلادنا الغالية.
أقول إن هناك أسواقاً أخرى في بريدة لا تقل أهمية لعل في طليعتها أسواق الماشية فسوق الإبل والذي يعتبر أكبر سوق للإبل في العالم وهذا ليس من قبيل المبالغة بل إن المستشرقين قد أكدوه .. يقطن اليوم في موقع لا يليق بسمعته ولا يتناسب مع حركة البيع والشراء فيه كما أنه يعيش فوضى تشييد الأحواش مما أثر على ساحة الحراج وبدأت حركة السوق تهدأ نوعاً ما ما يؤكد أن هناك تسرباً للأسواق الأخرى بسبب ما يعاني منه التجار وما يقال عن الإبل ينسحب تماماً على سوق الأغنام ونسمع عن نشاط أسواق مجاورة بفعل انتقال تجار الأغنام في بريدة إليها وكذلك الأبقار. صحيح أن هناك مشروعاً ضخماً يعد لأسواق الأنعام لكن هذا لا يمنع من الاهتمام بالأسواق الحالية كما فعل بأسواق التمور ثم إن المشروع قد تأخر كثيراً ويتحدث الناس عن سوء موقعه وأنه سيؤثر على الأحياء القريبة منه .. وأشدد هنا على الأمانة برجالها الطموحين بأن تشمل أعمالهم الرائعة تلك الأسواق التي تستحق منا حشد كل الطاقات للحفاظ عليها كي لانفقدها كما فقدنا غيرها..
وأقصد هنا أسواق البطيخ التي خسرناها بفعل تقليبها في غير موقع حتى هجرتنا نهائياً بعد أن وصلت المعاناة مداها.
في وقت كانت فيه بريدة مركز بيع البطيخ على مستوى المملكة ودول الخليج العربي وكان يفد إليها أكثر من ألف سيارة من مزارعي منطقة القصيم والمحافظات المجاورة ويصدر منها ما يزيد عن مائة شاحنة يومياً إلى مناطق المملكة والخليج في حركة اقتصادية يدركها كل ذي بصيرة.
وكلنا نتذكر سوق الخميس والتي كانت تشكل حركة رائجة في البيع والشراء وينتظرها أهالي منطقة القصيم كل أسبوع بفارغ الصبر لقضاء حوائجهم فيها لتنوع وغزارة المعروض ومناسبة الأسعار بفعل قوة المنافسة هذه السوق خسرناها فجأة بمجرد نقلها من موقع لآخر.لهذا علينا جميعاً أن نولي العناية والاهتمام لتبقى بريدة دوماً مدينة للأسواق ومقصداً للتسوق مدركاً أن ما طرحته في خاطر وفكر المسؤولين في الأمانة والذين نفخر اليوم بهممهم العالية وأفكارهم النيرة.
وأختم مقالتي اليوم بالتأكيد على أن صالة المزاد العالمية للأنعام والتي ستكون حدثاً مدوياً وإضافة كبرى لأسواق مدينة بريدة تحتاج إلى تحضير فاعل لأسواق الماشية ليكون انتقالها إلى موقعها الجديد وهي في كامل ازدهارها.. وغداً نلتقي.
(*) المدير الإقليمي لجريدة الجزيرة بالقصيم. |