الشباب من الجنسين الذكري والأنثوي هم الفئة العمرية الأكثر عدداً وشهرة بين الفئات العمرية الأخرى والمعروفة، وهم الأكثر جدلاً في تفاصيل حياتهم الاجتماعية والفكرية، وبالتالي فهم الأكثر شهرة لشغلهم الجزء الأكبر من الاهتمامات التي تتعلق برفاهية المجتمع وتحصينه من المخاطر التي قد تسبب ضياع جيل من المفترض أن يكون جيلاً للمستقبل المشرق والممتلئ بالحيوية والنشاط.
هناك جهود مشكورة من المعنيين بتوفير السبل التي تكفل تنشئة هذا الجيل الشاب الأكثر حيوية ونشاطاً تنشئة صحيحة وقوية تتمتع بقدر عال من الثقة بالنفس وفي الوقت نفسه الشباب يتحملون تبعات تصرفات غير مسؤولة تضر بهم أولا ثم بالمجتمع الذي يحملون اسمه وصفته وكيانه.
هذه الجهود انصبت في خلق استقرار اجتماعي عام يشمل جميع الفئات العمرية بدون استثناء وبلوائح وأنظمة معينة بحيث أفرزت وبنسبة كبيرة لجيل ملتزم ظاهرياً، مشتت ذهنياً.
بمعنى أن الجانب العاطفي هنا هو المسيطر على تنشئة هذا الجيل الذي أغفل وللأسف الواقع والمنطق لعدة أسباب وعوامل سنأتي على ذكر أهمها، هناك خلط غير مقصود عند الأغلبية بين بعض القضايا الاجتماعية العامة وتبعية ذلك للحلال والحرام في صورة تقليدية لا تمت للواقع المعاصر وللظروف الراهنة من كثرة الجدال والآراء الدخيلة والتوقعات الزائفة والتي أثرت على التكوينات العقائدية في عقول مسوقيها.
هذا التأثير انعكس على نشر ثقافة الضعف والتغلب على عقدة محاسبة النفس وأخيراً الدخول في دوامة من التنازلات التي لا تنتهي لتصبح شخصية مهزوزة مزعزعة فقدت الثقة في نفسها وفي الآخرين.
وهنا نحن مطالبون بالاعتماد على أنفسنا حقيقة في كيفية التمييز وعدم الخلط والوقوع في الشبهات والحيطة والحذر الدائمين وخصوصاً من عموميات نجهل تفاصيلها الأخلاقية وليس بالهروب الى معتقدات وتشريعات وثقافات لآخرين يريدون ضررنا قبل مصلحتنا كمحاولة إبعادنا عن أساسيات مهمة في حياتنا نتميز نحن فقط بتطبيقها التطبيق الصحيح.
لذلك هناك دعوة لكل مسؤول أن يشاركنا في التوجيه والتصحيح وليس بالفرض والأمر من ناحية والإغفال والتساهل من ناحية أخرى.
إن جيلنا الحالي من الشباب والشابات يعتبر الأصعب في أسلوب فهمه والأجرأ في ردة فعله والأعنف في سلبية تصرفه والمتعب في طريقة حواره والاحتواء هنا مطلوب لأنه أنجح الحلول وأسرعها للوصول إلى أرضية مشتركة في الفهم والتلقي الصائب.
إن التشويش على أساسيات تربينا عليها لهي المحنة والمصيبة بعينها وهنا تتوزع الأسباب والعوامل على المجتمع والمسؤول في تجاهل الجانب العاطفي للفرد الشاب الذي أحب وطنه وتربى في ثقافة عقائده، الذي صدق وآمن بحقائق سياسية كانت نتاجاً لعقليات قيادية ترى في المصلحة الوطنية الهدف المطلوب حالياً للخروج من أي أزمة أو قضية.
إنها الحكمة والحرص على ثبات المبادئ والتي قد تحتاج إلى تضحيات كبيرة للوصول إلى بر الأمان، بمعنى أن هذه الحقائق الكبيرة في معانيها والجميلة في تعابيرها تحتاج لطريقة سلسة مفهومة في استيعاب حسناتها ومخاطرها ليكون التأهب العاطفي أيضا مستعداً ومتزامناً مع الاستيعاب الفكري الناضج فقط.
لذلك فإن على المسؤول أن يشاركنا في تلقي بعض همومنا ومحاربة ما يمكن أن يزرع في أنفسنا الشك والريبة وعدم الإحساس بالأمن الداخلي النفسي، وعلى المجتمع وخصوصاً الراعي والمسؤول عن رعيته أن يحتضن بثقة ويوجه بأمانة لكي نستطيع أن نبدأ في الاعتماد على أنفسنا كرجال ونساء بقص شريط الدخول في عالم المجتمع المسؤول الذي سيتفاجأ بشخصيات طموحة شابة مثابرة تريد الخير للوطن والمواطن بجميع أطيافه وألوانه.
إننا يا مجتمع الشباب والشابات مطالبون بالكثير والكثير ولكن من يطالبوننا هل هم على استعداد لتحمل مسؤولياتهم تجاهنا بكل حكمة وهدوء ننشدهما منهم، هل طريقتنا في خوض الحياة قاسية الى هذه الدرجة بحيث إنها ستنعكس سلبياً علينا وبصفة مستمرة، وهل النظرة لنا ستبقى كما هي أم أننا سنحتاج إلى وقت إضافي للعب حتى الرمق الأخير لإثبات جدارتنا وفاعليتنا في مجتمعاتنا حتى نحظى بالثقة المطلوبة.
هي أسئلة لكل متفائل يسردها أمامكم وبكل شفافية، أنتم من تطالبون بها دائماً ونحن نريد الفرصة في احتضان عواطفنا وتهيئتها لتكون متوازنة مع مرآة عقولنا الشابة واليافعة والتي تغلب عليها الفطرة في كل عنوان وكلمة وحقيقة.
|