نقرأ الكثير من المقالات والتعقيبات والمشاركات في الجزيرة حول موضوع الحياة الزوجية، والحقيقة أن هذا الموضوع حيوي ويحتاج إلى الكثير من البحث والدراسة ومساهمة أصحاب التجارب الزوجية الناجحة ليقولوا للآخرين كيف تسير أمورهم الأسرية. لأن قصة الحياة الزوجية قصة ذات شجون وهي مسألة تتعلق بالحياة وتتجاوز حياة الزوج والزوجية إلى الأولاد والأحفاد، لهذا كانت الشراكة الزوجية مقدسة تتم باسم الله وعلى شرع الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. ولديها قدسية والله سبحانه وتعالى شرع الزواج، والزواج ليس المراد منه فقط إشباع الغرائز. لكن هناك أشياء جميلة بين الزوجين وما أجمل وصف القرآن الكريم بأن الزوجات سكن والسكن شيء مريح لا يجد الإنسان متعته إلا في سكنه، وإذا كان السكن المعروف وهو المنزل مصدراً للراحة والاسترخاء، فما بالك عندما يكون السكن امرأة ذات مشاعر فياضة كائناً حياً جميلاً خلقه الله على هيئة تبعث على السعادة، ماذا إذا كانت هذه المرأة هي السكن.
والله سبحانه وتعالى من حكمته أحل الطلاق لكنه أبغض الحلال إلى الله، وعلّم الزوج وأسرته أنه يجب اتخاذ تدابير كثيرة من أجل عدم الوصول إلى مرحلة الطلاق. والسعادة الزوجية مسألة نسبية لا يوجد إنسان يتمتع بالكمال، الكمال لله وحده لا توجد امرأة كاملة ولا يوجد رجل كامل، لكن على الرجل أن ينظر إلى الإيجابيات في زوجته وينسى أو يتناسى السلبيات، وإذا كان السلبيات أكثر من الإيجابيات فعليه أن يصبر فإن الزمن كفيل بالإصلاح. وعلى الزوج الذي يكره زوجته أن يقرأ قول الله تعالى: {فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} هذا القول المقدس من الخالق العظيم يعزي النفوس التي لم توفق إلى نساء جيدات. وعلى النساء اللاتي لم يحصلن على أزواج جيدين أن يحاولن الإصلاح عبر الدعاء دعاء الله أن يصلح هؤلاء الأزواج وعبر تقديم التنازلات، والمرأة لديها الكثير من الأشياء التي بواسطتها تستطيع المحافظة على زوجها وأسرتها. وآية كريمة في سورة النساء تهدئ الروع وتبعث الطمأنينة للنساء والرجال على حد سواء بقوله تعالى {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ}.
والمعنى أنه لا يجب أن يتمنى الرجل امرأة مثل امرأة فلان أو المرأة تتمنى رجلاً مثل زوج فلانة. لكل رجل وامرأة نصيبه مما اكتسب. واسألوا الله من فضله لإصلاح أموركم.
إذن المسألة تحتاج إلى أن يدرك الرجل والمرأة أهمية هذه الشراكة المقدسة، وإذا استمرت بالتفاهم والمحبة والمودة فهي سعادة دنيوية غامرة وربما بتوفيق الله استمرت السعادة حتى في الدار الآخرة لأن الزوجين المحبين لبعضهما اللذين يعيشان في انسجام وتوافق في الغالب بعيدان عن ارتكاب المحرمات، وهما دوماً يشكران الله على هذه النعمة وهذه أشياء تجلب السعادة حتى في الآخرة إذا شاء الله.
محمد صالح البخناني - حائل |