القائد التربوي.. وضع في هرم المؤسسة التربوية ليسيرها بحكمة إلى تحقيق الأهداف التربوية المرسومة، مثله مثل ربان السفينة الذي يقودها إلى بر الأمان.
والقائد التربوي وربان السفينة يواجهان رياحاً تؤثر على سير العملية الموكلة إليهما، هذا في أرضه، وهذا في بحره، وكلاهما يبذل جهده لتجاوز تلك الرياح العارضة.
وأورد هنا موقفاً يجب على القائد التربوي التوقف عنده، ثم تجاوزه بعد الاستزادة، للإفادة منه مستقبلاً.
تم الاجتماع مع أحد المعلمين الذي لوحظ عليه كثرة التأخر الصباحي، فاعتذر عن ذلك ووعد بالانضباط في العمل، ولكنه لم يف بذلك، فتم تقديم (مساءلة خطية)، شرح فيها ظروفه الجديدة، وأنه في سبيل القضاء عليها، وختم كتابته بجملة نصها (الموس على جميع الروس)، ولما سُئل عن السبب؟ قال: العدل العدل، فهل جميع العاملين المتأخرين تم تطبيق ذلك عليهم؟ أم أنا فقط؟ فأُخبر أنه على الجميع.
لذا أود أن أذكر القائد بأهمية العدل، لقوله تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}، فالعدل أساس رئيس في العمل، لذلك يأمرنا سبحانه وتعالى بالعدل بقوله: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ}سورة النحل آية (9)، ويتأكد الأمر كذلك في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}سورة المائدة آية (8).
ويبين صلى الله عليه وسلم نتائج العدل بقوله: (إن المسقطين عند الله على منابر من نور، عن يمين الرحمن عز وجل، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا) رواه مسلم.
فالنصوص السابقة تؤسس العدل وأنه مبدأ مهم يجب على القائد التزامه لنجاح عمله القيادي، فتتحقق الطمأنينة والأمان النفسي والوظيفي، وتسود روح الفريق الواحد، مما يساعد على الوصول إلى الأهداف المرسومة.
والقائد التربوي يضع العدل نبراساً له ومناراً، وفق معايير مقننة موضوعية، منذ بداية العام الدراسي حتى نهايته. ومن أمثلة الأمور التي يشملها العدل في المؤسسة التربوية:
العدل في الجدول المدرسي، وحصص الانتظار، والإشراف قبل بداية الدوام المدرسي والفسحة ونهاية الدوام، وتوزيع المقررات بين التخصصات، وريادة الفصل، وعضوية المجالس المدرسية، والمعاملة المتساوية بين الجميع، وإتاحة الفرصة للالتحاق بالدورات التدريبية، وتقييم الأداء الوظيفي، وتوزيع الأعمال التربوية الأخرى.
ويشمل العدل كذلك مراعاة الفروق الفردية بين العاملين، والتمييز بين المعلم الكفء وغيره، ورفع مستوى العاملين، فالمتميز يزيد في تميزه، والمقصر يتم العمل على رفع مستواه التربوي.
وعندما تكون السياسة الإدارية واضحة وعادلة بين جميع العاملين في المجال التربوي، فسيتحقق الرضا بين الجميع، مما يؤدي إلى زيادة نتاج المعلم، الأمر الذي يرفع من النسبة الايجابية لمخرجات التربية والتعليم، وزيادة انتماء المعلم لمدرسته وتقديره لمديره.
ختاماً.. ولوجود قائد يجعل العدل أساساً لإدارته، لابد من تحقيق العدل في عملية اختيار المدير القائد، فلا يكون تكليفه بناء على الواسطة، بل بناء على ما يمتلكه من مهارات قيادية أهلته إلى استلام زمام القيادة في المؤسسة التربوية، وبعد ذلك يجب تزويده بكل ما يحتاجه في عملية القيادة لتوفير المناخ القيادي الإداري التربوي المناسب.
وزارة التربية والتعليم
|