بالرغم من تغير العالم وتطوره في البحوث العلمية والفكرية والتكنولوجية والتقدم المعرفي الهائل في كافة العلوم والمجالات إضافة إلى ذلك كله إيماننا بالله - عز وجل - فوق كل شيء، إلا أننا ما زلنا نقبع في عالم من الوهم اسمه الخرافة، هذا المصطلح الذي سيطر على إيماننا وقوتنا وثقتنا بأنفسنا، وسوف أورد بعض الأمثلة التي تجلت مؤخراً حقيقتها.
- ما رأيناه جميعاً في الحرب الأخيرة التي شنها جنود الاحتلال الإسرائيلي على أشقائنا في لبنان ورأينا بأعيننا الهزيمة النكراء التي منيت بها قوات الاحتلال، لقد اكتشفنا خرافة لم تخطر على البال ولطالما حسبنا لها ألف حساب اسمها (إسرائيل) بسبب خوفنا منها فقط! أصبحت دولة قوية ومخيفة، بدون أي براهين أو أدلة، أو لأي شيء آخر، يقول الفيلسوف اليهودي سبينوزا:
(إن الخوف هو السبب في وجود الخرافة، وفي الإبقاء عليها وتقويتها، إن الخرافة إذا سيطرت على أي شيء تتبدل الألوان، وتختلط الحواس ويأخذ العدل والإحسان أبشع صور الاستبداد والطغيان) شهد شاهد من أهله.
- العدالة التي تتغنى بها حكومة الولايات المتحدة طوال الوقت في المحافل الدولية ووسائل الإعلام العالمية، ولكن سياستها مع إسرائيل ضد العرب والمسلمين تقول غير هذا، ووجود حميدان التركي في السجون الأمريكية بتهمة باطلة أكبر إدانة على ذلك، وأخيراً - وليس آخر بالتأكيد، وصف الإسلام بالفاشية التي وقف لها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - حفظه الله - بالمرصاد خلال جلسته لرئاسة مجلس الوزراء قبل أيام.
- الخرافة الكبرى هي تصديق كل ما يروج لنا من الخارج من فشل أو عجز أو بمعنى آخر (غير مواكبين) لأي نهضة سواء سياسية أو اقتصادية أو فكرية أو أيضاً اجتماعية عن بقية العالم، وإننا لا نستطيع العيش إلا بمساعدة الآخرين، فهذا ما سيبقينا بلا حراك بانتظار معجزة من السماء أن تنقذنا وتساعدنا،
لا أعتقد أن دولة مثل اليابان أتاها مثل هذا الإعجاز!
ونحن نعتبر مجرد التفكير بمحاولة الوصول إلى ما وصلوا إليه أهل المشرق والمغرب ضرب من ضروب الخرافة والخيال لأننا ببساطة نقدم العذر والمبرر لأنفسنا إذا أخذنا في الاعتبار ان الكثير مما لا يكنون الخير لهذا البلد أو للوطن العربي والإسلامي ولا يتمنون إحراز أي تقدم من أي نوع، إذن فهم مهتمون بالخرافة من مبدأ ترويجها لنا بطرق كثيرة وملتوية، ونحن نهتم بها بالطبع لتبرير أخطائنا!
- إن استمرار الإيمان بالخرافة في مجتمعنا خاصة وعالمنا العربي والإسلامي بالشكل الذي عليه الآن، رغم انتشار التعليم ووسائل التكنولوجيا الحديثة، يؤكد أن التعليم وحده فقط لا يكفي وحده للقضاء على الخرافة إذ لا بد كشرط أساسي من تغير طبيعة تفكيرنا من الأساس والوعي الكامل بما يحدث حولنا، والإيمان التام بالواقع الذي يستند إلى العلم والسعي نحو الغاية الأساسية التي تكفل حياة جميلة وهادئة دون التغير الجذري نحو مخالفة مبادئنا أو وطنيتنا.
|