Friday 25th August,200612384العددالجمعة 1 ,شعبان 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الرأي"

بطيخ لبنان بطيخ لبنان
عبد الكريم بن علي النقيدان

كنا في استراحة وقد جُلبَ لنا بطيخة كأنها المرمر.. فجعل أخي الأكبر، يقسِّم نصف البطيخة إلى أشلاء متساوية، حتى فرغ، فأقبلنا نحو القطع المتجانسة، نأكل بصمت ورضا، فما أن لبثنا إلاّ وصحن البطيخ فارغ منه تماماً، ولم تنتهِ النَّهمة عند الصبية.
فترك أخي النصف الآخر فتهاجموا عليه، كلٌ يقطع له من الحجمِ ما يشتهي، والكمِ وما يملأ به فجوات معدته. فعمت الفوضى، وتخاطفت أجزاء البطيخ من بين أيديهم.
فنظرت إلى أخي ومعها كلمة هادئة قلت له: إذا فُقد القائد تآكل الناس وقاتل بعضهم بعضاً، فعمَّ الصمت مرة أخرى.
***
لبنان الجريح، تلك أحجية عجز عنها التأريخ، وكلّت تقاطيع الطبيعة أن تجد له سبيلاً، فتآكلت فصائل القوة المستشرية، على أن يكون لها قوة فصارت تزاحم في الزحام بكلتا منكبيها، لتصل إلى قمم ليست لها، فضاع القائد وتهاجم الناس على أبعاضها، وظن بعضهم أنهم قوة لا تغلبها قوة!
فجعل يُقطع له ويَقطع لنفسه ويأكل لَهُ ولغيره، غير مكترث بمن حوله، فأكل حتى أعمته البطنة وانتفخت أشداقه، فانفجر بكل همجية وغرور، فأشهر سيفه ليلمع على وهج الشمس، وهدوء القمر، وعدوه يحصد ما علا من البناء، وما انخفض من الأرض، بكل ألوان الأسلحة، فجعل لبنان كهشيم المحتظر، وهو وإعلامه ما زالوا يرددون قَرُبَ النصر...
فأناخت الحرب جمالها، وسقت عطشاها، وضمدت جراحها، وكل حزب يقول أنا المنتصر فارفعوا أعلامي وصوري، ومجدوا بطولاتي، وترحموا على شهدائي.
فبارك الله بسيفي اللامع، ولساني الجامع، فطبلوا خلفي بدف النصر أيها الإعلام.
أحلف لكم، أن نصرنا جاء به اللامع ومعه عاطفتكم بافتخار، ولو صارت لبنان كومة من غبار وأحجار.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved