لكي تتحقق التنمية المستدامة ينبغي ألا تؤدي برامج التنمية التي يفترض أن تعمل على تحقيق رغبات وتلبية حاجات المجتمع في الوقت الحاضر، إلى الإضرار أو المساس بقدرة الأجيال القادمة على مواجهة متطلباتهم في المستقبل.
وهذا المفهوم للتنمية المستدامة، والذي تتبناه هيئة الأمم المتحدة، يستوعب في مضمونه مفهوم الحاجة وأهميته في المجتمعات النامية بشكل خاص، حيث إنه ينبه إلى ضرورة تلبية حاجات الطبقات الفقيرة الأكثر حاجة، مع مراعاة ما تفرضه الحالة التقنية القائمة والنظم الاجتماعية السائدة في تلك المجتمعات من محدودية قدرة الموارد الاقتصادية المتاحة فيها، والبيئة السائدة بالضرورة، للاستجابة لمتطلبات الحاضر والمستقبل على حد سواء. ولهذا تأخذ التنمية المستدامة بعداً عملياً يتجاوز الاستحقاقات الاقتصادية التقليدية، ويستدعي النظر إلى أبعاد موضوعية أخرى لا يجب إغفالها أو التساهل فيها مثل معدلات الإهلاك للموارد الاقتصادية غير المتجددة، حتى لا يتعرض مستقبل الأجيال القادمة للضرر بما يحدثه جيل اليوم من ضرر.
هذه الاستحقاقات تتطلب اهتماماً خاصاً في المجتمعات النامية إذا أرادت أن تخرج من شرنقة التخلف وتنطلق إلى آفاق العالم الجديد لتسهم في صياغة المستقبل، فتكون مؤهلة للمشاركة فيه والاستفادة منه. على الدول النامية أن تدرك أن مسألة التنمية يجب أن تعتمد على الذات دون انتظار الغير.
والاعتماد على الذات يستوجب شحذ الهمم وتسخير القدرات واستثمار الإمكانات وفق استراتيجية طويلة الأجل تهدف إلى دفع عجلة الإنتاج وتحقيق القيمة المضافة وخلق كيانات اقتصادية قادرة على البقاء والاستمرار.
التنمية المستدامة تبدأ بخطوة، ولكن يجب أن تكون تلك الخطوة مرتكزة على أسس علمية وإرادة ذاتية.
*رئيس دار الدراسات الاقتصادية - الرياض |