Tuesday 15th August,200612374العددالثلاثاء 21 ,رجب 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الرأي"

المراجعات الوهمية وتشديد الدور الرقابي المراجعات الوهمية وتشديد الدور الرقابي
حمد عبد الرحمن المانع

يشكّل الفساد الإداري إنهاكاً معنوياً ومادياً، وتمتد آثاره البغيضة لتشرخ أساس العقيدة المؤسسة للأخلاق الفاضلة، سواء من حيث التعامل أو من خلال التعاطي، واستغلال المواقع الوظيفية لتحقيق مآرب نفعية، لا تلبث أن تنعكس على من يمارسون هذه المسالك النتنة وبالاً وخسراناً مبيناً في الدنيا والآخرة، في حين أن البركة ستمحق في المال السحت، أي أن الأموال التي يتم كسبها بطرق غير مشروعة ستهلك صاحبها بشكل أو بآخر، فضلاً عن عذاب الضمير، ومطرقته المؤلمة، ولا عجب أن تجد هذا الصنف من الناس يكاد الهم يقتلع قلبه من موقعه، كنتيجة طبيعية لأثر المعاناة النفسية، وما يترتب عليها من إلحاق أضرار وآلام مبرحة بالصحة.
وإذا كان التذكير بمغبة المعاصي على هذا النحو لا يجدي نفعاً على من ألقى السمع وهو شهيد، فإن السبيل إلى قطع دابر هؤلاء الفاسدين المفسدين هو تشديد الدور الرقابي، وعدم التراخي أو التساهل بأكل أموال الناس بالباطل، فضلاً عن إنهاك الاقتصاد وهدر المال العام، بهذه الصيغ الفجة، ومن ضمن الأطر التي يمكن الاتكاء عليها بهذا الخصوص، الزيارات المفاجئة، فكم حققت الزيارات التي كان يقوم بها معالي الوزير غازي القصيبي، ومعالي الوزير حمد المانع من آثار ايجابية، ليس فقط فيما يخص الاهتمام والارتقاء بمستوى الأداء فحسب، بل إن الكوادر العاملة في المجال الطبي باتت تتعامل مع المرضى كافة، وكأنهم القصيبي أو المانع، وهذا بدوره يسهم في رفع مستوى الإحساس والشعور بالمسؤولية الأدبية على نحو يعين هذه الكوادر على أداء الأمانة الملقاة على عواتقهم على الوجه الأمثل والأكمل في الوقت ذاته إبراءً للذمة، وراحة للضمير.
هذا الأسلوب الإداري الفذ معززاً بعنصر التخفي وارتباط بعض المراجعين الثقات بالوزير مباشرة، لا تنحصر ايجابياته على المتلقي فقط، بل على مؤدي الخدمة كما أسلفت، فضلاً عن تحقيق الانضباط الوظيفي بما يحتويه من إثراء لثقافة العمل، والتي تقتصر عند البعض بالوقت، وساعات العمل فقط، بغض النظر عن نوعية الإنجاز، في حين أن المسؤولية الأدبية إذا لم تلامس الإحساس وتبسط نفوذها على الشعور، فإن قيمة الإنجاز ستتضاءل وفقاً للغياب المعنوي لهذا الإحساس، والدروس المستقاة من هذين الأستاذين الكريمين، تلامس الأبعاد الخلاقة للابداع وتحفيز الطاقة لبذل المزيد من العطاء، ومزج الإحاطة وغزارة المعرفة بالتواضع الجم، فبالرغم من المسؤوليات الجسام الملقاة على عاتق الوزير، إلا أن الحس المتقد يأبى إلا أن يستشعر الهم الجمعي، ويدفع بعملية الأداء إلى الأمام في بادرة لم تكن لتحقيق كسب معنوي وخلافه، بل إنه الإحساس بالمسؤولية، وإذا كان هذا الأسلوب ناجحاً وحقق مقاصد خيرة، وهو في مجال حساس ودقيق لارتباطه بالمرض -أعاذنا الله وإياكم منه- فلِمَ لا يحذو مسؤولو القطاعات الأخرى حذوهما؟
بصريح العبارة.. لماذا لا يتم الاستعانة بمراجعين وهميين وخصوصاً في القطاعات الخدمية لارتباطها المباشر بمصالح المواطنين؟ وقد يقول قائل بأن هذا الأسلوب يتكىء على التخويف، والتخوين؟ فأجيبه: إذا كان التخويف سيعدل المسار، ويمنع المستغلين الفاسدين من الإبحار في شواطىء الخطيئة، فليكن كذلك حماية لهم من شرور أنفسهم الأمّارة بالسوء، فالإنسان السوي الذي تغمر سلوكه الاستقامة لا يخاف سواء دلف إلى مكتبه المدير أو الوزير، ومن فسد قلبه وتردت أخلاقه لن يوقف مده البائس سوى كشفه وتعرية سلوكه لكي لا يسوغ افلاته من قبضة النظام تسهيلاً للآخرين في طرق مسلكه البائس، أي أن المتردد سيخوض في المعاصي بايعاز ولو بشكل غير مباشر من افلات المتجاوز وتحايله على الأنظمة، عبر تشفيره المعاملات بمعادلات يستعصي فك رموزها، إلا داخل أسوار الانفاق المظلمة فيظلم نفسه ويجر المرتبطين بمصالحهم إلى دائرته المخزية، وهم كارهون لهذه الصيغ البعيدة كل البعد عن تعاليم ديننا الحنيف، غير أن الواجب بهذا الخصوص عدم الاذعان لرغبات هؤلاء القاصرين والابلاغ عنهم، لأن السكوت عنهم أو تحقيق طلباتهم يعد اعانة على الظلم، وإشاعة للمنكر، وأنا واثق كل الثقة بأن اتصالهم بالمسؤولين بالدولة سيكون محل الاهتمام وسينفضح هؤلاء، وهكذا نجتث هذه الديدان البغيضة التي ما فتئت تنقض على القيم الأخلاقية دون أدنى وازع من دين وبمعزل من احترام للأنظمة التي كفلت الحقوق للجميع على حد سواء ودون استثناء.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved