* بيروت - (أ.ف.ب):
يشهد لبنان أزمة محروقات تتفاقم يوما بعد يوم نتيجة الحصار البحري والقصف البري الإسرائيليين، الأمر الذي يثير خشية اللبنانيين من انعكاس ذلك على مرافق أخرى ويؤدي بالتالي إلى شل البلاد.
ويقول موظف في مؤسسة كهرباء لبنان طالبا عدم الكشف عن هويته (إذا لم نحصل على محروقات، لن يكون هناك تيار كهربائي، وسيكون هناك شلل على كل الصعد). ويضيف بمرارة (إننا في حاجة ماسّة إلى محروقات، إلى مازوت وبنزين.. يمكن للسفن التي تقوم بإجلاء الأجانب بحماية أسطول غربي، أن تأتينا بالمحروقات).
وقد أصاب الشلل التام تقريباً حتى الآن جنوب البلاد المستهدف بالقسط الأكبر من العمليات العسكرية الإسرائيلية.
وتشكو القوافل الإنسانية التي تحصل بصعوبة بالغة على أذونات مرور من الجيش الإسرائيلي، من حاجتها إلى المحروقات في وقت باتت المسافات أكثر بُعداً بسبب تدمير الطيران الإسرائيلي للجسور والطرق الأساسية.
وحذرت قوة الطوارئ الدولية في لبنان (اليونيفيل) الأربعاء من أن (مواقعها المتقدمة في القطاع الشرقي (من الحدود) تعاني من أزمة حادة في المحروقات وأن تزويدها بها خلال الساعات الثماني والأربعين حيوي لاستمرارها).
في العاصمة بيروت البعيدة نسبياً عن عمليات القصف، يبدو الهمّ الأساس للسكان ولآلاف النازحين إليها كيفية تأمين المحروقات لسياراتهم ولمولدات الكهرباء الخاصة.
ويقول سائق التاكسي سليمان خالد (إذا لم أجد البنزين، سأصبح عاطلاً عن العمل.. وحتى الآن أنجح في الحصول على بنزين من خلال الانتظار لوقت طويل أمام محطة المحروقات). ويقول الرجل الخمسيني (أما أنا شخصياً، فأقتصد إلى أقصى الحدود.. أقوم بحاجاتي الشخصية سيراً على الأقدام.. المهم أن يبقى خزان الوقود في سيارتي مليئاً).
وفي منطقة الجمهور شرق بيروت، يوجد صف طويل من حوالي ثلاثين سيارة أمام محطة وقود، فيما عناصر من قوى الأمن الداخلي يقفون بين السيارات (منعاً لحصول احتكاكات ومشاكل)، كما يقول احدهم من دون ان يكشف عن اسمه.
ويقول أحد السائقين: (نكاد نحترق في الشمس، ولا يمكننا أن نتزود إلا بعشرة آلاف ليرة من البنزين)، وهو ثمن ثماني ليترات تقريباً بعد ان ارتفع سعر البنزين خلال اليومين الماضيين.
ويستورد لبنان معظم مصادر الطاقة التي يحتاجها باستثناء جزء صغير من التيار الكهربائي يتم الحصول عليه عبر محطات لتوليد الكهرباء تعمل على المياه.
والتيار الكهربائي مؤمن للعاصمة والمناطق البعيدة نسبياً عن الحرب بين ست وثماني ساعات يومياً، ولا يملك الجميع مولداً خاصاً، مثل هلا عبلة (70 عاماً) التي تعيش في الطابق السابع في أحد أحياء غرب بيروت، وعليها أن تصعد السلم وتنزله كل يوم مرات عدة.
وتقول: (من دون ثلاجة، لا يمكنني الاحتفاظ بالأطعمة.. وبالتالي عليَّ أن أذهب إلى السوق كل يوم). ولم تغادر ابنتها مروة المنزل منذ أن قصف الطيران الإسرائيلي مطار بيروت الدولي في 13 تموز - يوليو غداة خطف حزب الله جنديين إسرائيليين في الأراضي الإسرائيلية قرب الحدود اللبنانية، وتلا ذلك الهجوم الإسرائيلي.وتقول مروة (27 عاما) التي تعمل كمدرسة (كنت أخرج قبل ذلك كل مساء، برفقة أصدقاء، وإلى العمل.. اليوم، أنا مسمرة أمام التلفزيون وأنقل من قناة إلى أخرى، أو اتصل هاتفياً بالأصدقاء.. همي الأساس الإبقاء على بطارية هاتفي معبأة لكي أبقى على اتصال مع العالم الخارجي).ويملك جان منصور مع اثنين من جيرانه ثلاثة مولدات للكهرباء في بلدة عاريا على بعد سبعة كيلومترات من بيروت، يبيع من خلالها التيار إلى حوالي مئة مواطن بسعر يبلغ ستين سنتاً في الساعة.. ويضيف (إلا أننا لا نملك المازوت بشكل كاف.. ونعتمد التقنين نحن أيضاً).
ويشير إلى أنه اطفأ مكيف الهواء في منزله رغم ان الحرارة تصل إلى ثلاثين درجة، للاقتصاد في كمية المحروقات التي يستهلكها المولد.
في منطقة جونية (حوالب عشرين كيلومتراً شمال بيروت)، تقول سيدة عبد الأحد (40 عاماً) إنها باتت تدفع مبلغاً شهرياً يوازي 75 دولاراً لقاء اشتراك في مولد كهرباء جماعي، بعد أن كانت تدفع قبل الحرب 45 دولاراً.. (والسبب انقطاع البنزين، ثم إننا لا نحصل على التيار طيلة الوقت الذي تنقطع فيه الكهرباء، لأن صاحب المولد يجد صعوبة في تأمين المازوت).
|