|
انت في"عزيزتـي الجزيرة" |
|
أشير إلى المقال الذي كتبه الدكتور خالد بن عبد العزيز الشريدة تحت عنوان: (إنفلونزا..العقول) على صفحات محبوبتي الجزيرة يوم الخميس الموافق 10 جمادى الآخرة 1427هـ في العدد 12334 والذي تناول فيه بعض مظاهر الإنفلونزا العقلية في بيئتنا الاجتماعية، وابتدأها بعقلية الإلغاء والنفس الاستعلائية وعقلية الانغلاق والفوضوية. وقد استعرض هذه المظاهر بشكلها العام، وقد أعجبت بهذا المصطلح الجديد وإن كان الكاتب لم يذكر السلوكيات التي تفرزها هذه المظاهر وركز على العموميات ومخاطبة المتخصص والمثقف، ونحن في حاجة إلى مخاطبة جميع الشرائح الاجتماعية لتتعرف على مثل هذا الموضوع وأسبابه ومصادره على المستوى الإداري والفني والأسري؛ فالمدير المتسلط والمتكبر والمشرف المنغلق ورب الأسرة الفوضوي والمثير في تصرفاته بين أبنائه وعدوانيته تجاه الآخرين، من وجهة نظري أن من مصادر عدوى إنفلونزا العقول لدى هؤلاء الأسرة وطرق التربية؛ فعلى سبيل المثال بعض الأسر يعرف عن معظم أفرادها حبهم للخير والتسامح وبعدهم عن الشر وعدم تعظيم الأمور؛ ومن هنا نلاحظ أن مخرجات أبنائها من التعامل يسودها نوع من الاعتدال في الطرح والتعامل والتسامح والتواضع والتنظير الواقعي والتخطيط لحيثيات أقوالهم وأفعالهم؛ حيث نلاحظ أن بعض الناس يحب التعامل مع أفراد هذه الأسرة على المستوى الاجتماعي والإداري والتجاري، وخلاف ذلك بعض الأسر التي عرف عن معظمها التصلب والشدة وعدم الوسطية في الأفعال والأقوال، ونقرأ عن مصطلح التسامح مع الآخرين وعند وقوعك في موقف مع أحد أفراد هذا النوع من الأسر تواجه أزمة حقيقية تحتاج إلى صبر وتجلد؛ لذا فإن مصادر إنفلونزا العقول بين البشر مشكلة حقيقية سريعة الانتشار وتحتاج إلى معامل مخبرية ودراسات نفسية واجتماعية تتعرف على مواطن الخلل في التربية داخل الأسرة وهل هو وراثي أو مكتسب وهل انتقل مع الأسرة من الريف أو القرية أو الصحراء؛ مما جعل هذه العدوى تتأصل في أسرة دون غيرها؛ حيث يلاحظ أنه لا يؤثر في سلوكيات أفرادها التعليم أو التدين أو التحضر؛ فتجد من أمثلة الأسر المصابة بعدوى إنفلونزا العقول أنه قد حصل أفرادها إلى درجة عالية من الشهادات وبعضها لديه من التقى والورع والثقافة حصانة كافية تضعف فجأة عند نشوب أي خلاف أو اختلال أي معيار من المعايير الثقافية التي تعارف عليها، وينسى جميع ما حصل عليه من مدارس الحياة النظامية وغير النظامية ببروز بثور هذه العدوى الكامنة في عقله الباطني بشكل سريع، وكأن رصيده من المناعة العقلية مناعة الطفل في مهده؛ فلا يتورع أن يتسلط من موقع مسئوليته الاجتماعية كالأسد ويستعلي على الآخرين كطاووس أو ينغلق فكرياً مثل القنفذ عند سماع صوت من حوله أو يثور لأبسط الأسباب عند سماعه خطاباً موجهاً أو مؤدلجاً فلا يستخدم أمانة العقل التي عرضها الله على السماوات والأرض وحملها الإنسان؛ فالعقل أمانة وقد يخترق بأحد فيروسات إنفلونزا العقول، وتدب فيه أمراض العصر السلوكية والفكرية من أحادية الفكر وإقصاء الآخرين وتدمير الحياة والبعد عن منهج الجهاد في حب الحياة، وأخيراً أقول إن إنفلونزا العقول والحد من انتشار فيروسها هي مسؤولية اجتماعية تقوم على عاتق رب الأسرة في الدرجة الأولى والمعلم والخطيب والمسؤول في الإدارة وفق منهج التناصح بعيداً عن التشنج في الأقوال والأفعال. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |