Thursday 10th August,200612369العددالخميس 16 ,رجب 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الرأي"

قضايانا بين مخرجات التعليم ومخرجات التلميع قضايانا بين مخرجات التعليم ومخرجات التلميع
عبدالله بن عبيد الحافي - عضو هيئة التدريس بكلية الملك خالد العسكرية

أهل العلم والخبرة عامة في كلِّ مجتمع هم المؤتمنون على تشخيص ما يعتري المجتمع من مظاهر إيجابية أو سلبية كلٌّ في مجال اختصاصه، مع اتفاقهم في قدر مشترك من العقل والوعي العام، لا يصح مع فقده أن يكون الشخص أهلاً لتناول الشأن العام.
لكن الحاصل في الحالة العربية اليوم عكس المأمول، فأصحاب الكفاءة والقدرة والخبرة سواء في الجوانب الحياتية العلمية أو العملية، الدينية والمدنية على حدٍّ سواء، هؤلاء الأفراد هم مخرجات التعليم الجاد، الذين جمعوا بين المعرفة والتجربة مع سلامة المنهج والتمسُّك بالثوابت، هؤلاء يزاحمهم فئة أخرى تحاول أن تتقمّص الدور ذاته مع فقدانها لتلك المقوّمات.
ولا أجد لهذه الفئة اسماً إلاّ أنهم من مخرجات التلميع، والتلميع باختصار هو: تسليط الأضواء على شخص لوجاهته الاجتماعية أو إمكاناته المالية أو غير ذلك مما يكسب الفرد لمعاناً وبريقاً كامتهان مهنة الصحافة مثلاً، أو لكونه حصلت له قضية أو مشكلة كأن يكون مهتدياً ثم ضل أو ضالاً ثم اهتدى ونحو ذلك، فيكون معروفاً إلى حد ما، فيجعل من هذه الحالة سبباً في تجاوز ما يستطيعه إلى ما لا يستطيعه عكس المثل السائد، فينبري هذا اللّماعة إلى جعل الأُمّة والوطن على سرير التشريح فيسفه أحلامهم ويشتم أسلافهم ويأتيهم بما لم يسمعوا، هم ولا آباؤهم، وينادي بأعلى صوته (أنا النذير العريان)، وقد صدق فإنّه عريان من المعرفة والخبرة والحكمة ولا يستره إلاّ لمعان وبريق سرعان ما يزول عندما تزول أسباب لمعانه المزيّف.
ومخرجات التلميع عدد لا يستهان به في هذا العصر، الذي من أبرز سماته (قلّة الحياء) (إلاّ ما رحم الله).
وهناك ترابط عضوي بين قلّة الحياء ومخرجات التلميع، هذا الرابط هو (الجهل المركَّب) فهم يتحدثون ويصدرون الأحكام في كلِّ شأن من الشؤون الدينية أو الدنيوية حتى الشعر النبطي لم يسلم من مخرجات التلميع.
بل حتى إنّ لقب (دكتور) وشهادة (الدكتوراه) أصبحت مما يحرص عليها هؤلاء، فهي تضفي عليهم لمعاناً يضاف إلى لمعانهم السابق، فحرصوا على تحصيلها بأيِّ سبيل حتى تكتمل منظومة اللمعان، ولم يعلموا أنّ هذه الشهادة هي علامة على تحصيل الفرد لمستوى معيَّن من المعارف والعلوم، ولا قيمة لها ولا عبرة بها إن لم يكن الواقع كذلك.
وهنا أوجِّه دعوة صادقة لكلِّ من سنحت له الفرصة لمخاطبة الجمهور والمساهمة في تكوين الرأي العام، أن يتقي الله في هذه الأُمّة، وأن يحرص على تحرِّي الدقة والتزوُّد بالمعرفة الصحيحة، وأن يعلم أنّه مسؤول أمام الله عن كلِّ ما تخطُّه يده أو ينطقه لسانه.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved