ما عاد في صيف العدا أمطارُ
نضب العتادُ وظلت الأحجارُ
بقيت تدافع عن بقايا أمةٍ
هي في الحقيقة مِعْصمٌ وسوارُ
يا كلَّ طفل قد ألمَّ بصخرةٍ
هو في الشجاعة قمةٌ ومسارُ
هو للبطولة منهلٌ وروافدُ
يحمي الحما ويصونه القهارُ
يرمي الصغيرَ بجمرة من قيظهِ
يمشي على ومضاته الأنصارُ
نبضٌ يتوق إلى الشهادة سامياً
قد بات بين ضلوعه إصرارُ
ويسطِّرُ البطل الأبيُّ حكايةٌ
وتدثَّرت في روحهِ الأزهارُ
ماذا أقولُ لمن تغاضَى طرفُهُ
عن كلِّ من سكبوا الدّما وأغاروا
صلبوا الحياةَ على مسامع أهلها
وعلى الطريق تمادتْ الأخطارُ
يا كلَّ أمٍّ قد تنحَّب صوتُها
وتحشرجت في عقلها الافكارُ
أبناؤك الغُرُّ الميامن أسوة
يرنو إلى وثباتهم أطهارُ
دربٌ من العز المرصَّع بالفدا
يمشي على خطواته أبرارُ
عبق النسيم من الجنان يحفُّهم
هم للكفاح سواعدٌ وشعارُ
لبنان تبعث بالحماس شرارةً
من ركبها يتقدم الأحرارُ
في كل موقعة نرى فرسانَها
تعلو على قسماتهم أنوارُ
هم ومضة الخير الملامِس شغفةً
همست على جنباتها الاقدارُ
وهم الصمود على الطريقة درةً
لاحت هناك وحدَّقتْ أبصارُ
هم حقبة الفخر المدجَّج بالقوى
عزم الأسود قواصفٌ وغبارُ
في كل زاوية تلُوح بشارةٌ
ليشجَّ في قلب الظلام نهارُ
يا أيها الباغي لحتفِك أتياً
غشيت عليك من الدجى أوزارُ
حتماً سنطوي للمآسي صفحةً
وعلى الرُبا يترنَّم القيثارُ
لبنان في النصر المبين ترقبي
بيديك أن يتحرك الإعصارُ
يُودي بأعداء الحياة مزمجراً
صوت الرعود يُلاقه الفجارُ
قومي إلى ثوب الإباء تلفَّعي
حتماً ستصمد للعدا أسوارُ
حتماً سيولد للريادة فارسٌ
تلتفُّ حولَ دروبه الأقمارُ
لينير في قلب الأمومة مشعلاً
تزهو على أحداقه الأسفارُ
لبنان يا رمز الصمود على المدى
بُشراكِ في قلب السما أسرارُ
ستطوف في دوح الجهاد سواعدٌ
ويلوحُ بالأُفق البعيد منارُ
"الرأي"