عندما يبدأ الطالب الدراسة بالمرحلة الثانوية، يبدأ معه همُّ المجموع الذي سوف يحصل عليه، والذي سوف يتحكَّم بمستقبله، فالكل يحلم، ومن حقهم الحلم، لتحقيق هذا الحلم والذي تشاركه فيه أُسرته. يبدأ العمل الجاد والمذاكرة والمواظبة، وخصوصاً من هم بالصف الثالث الثانوي، فيستنفر المنزل وجميع أفراد الأُسرة، ويتم تسهيل وتلبية متطلَّبات الابن والابنة من مذكَّرات ومعلمين خصوصيين ومراجعه وزيادة في المصروف، وذلك سعياً لتحقيق هدف تم تحديده مسبقاً وهو الحصول على نتيجة تؤهِّله للالتحاق بالجامعات العلمية التي طالما حلم بها، فيتحقق المعدَّل المطلوب نتيجة هذا الاهتمام ويحصل على الدرجة أو النسبة المئوية العالية، ولكن يصطدم بما يسمَّى باختبارات القدرات أو الاختبار التحصيلي، فيهدم ما تم بناؤه ويتم تدمير هذه الجهود التي بُنيت خلال الثلاث سنوات .. هذه المقدمة هي قصة حقيقية وما أحب أن أصل إليه:
أليس ذلك ظلماً للطالب؟ ألا توجد بدائل لقياس قدرات الطلاب والطالبات سوى هذه الوسيلة؟
أشارك الغالبية الرأي بأنّ النسبة التي يحصل عليها بعض الطلبة لا تعكس المستوى الحقيقي للطالب لأسباب عدّة، منها على سبيل المثال لا الحصر نوع التعليم حكومي - أهلي - الدراسة في مدن صغيرة أو قرى أو هجر عدد طلاب الفصل فيها قليل فيكون التركيز أفضل مما في المدن الكبيرة - علاقة الطالب بالمعلم - تحيُّز بعض المعلمين لبعض الطلبة والتركيز عليهم لأيِّ سبب كان ... إلخ.
كلُّ هذا لا ينقص من جهود بعض الطلبة المتميِّزين الذين قد يمرُّون بظروف معيَّنة إمّا صحية أو عائلية أو نفسية توافق عقد اختبار القدرات أو الاختبار التحصيلي، فتقف عائقاً دون حصول الطالب على الدرجة المناسبة .. إذاً هي ليست بمقياس حقيقي لمستوى الطالب، إذ من المعلوم عدم استطاعة أي شخص الحكم على شخص آخر بمجرَّد مقابلة لمرة واحدة أو اختبار واحد .. ومن تجربة شخصية مع طالبين أحدهما متميِّز ومثابر ونسبة الشهادة الثانوية في المواد العلمية 94%، وحصل على نسبة 57% في الاختبار التحصيلي، وطالب آخر مستواه الدراسي منخفض ومتلاعب وحصل على نسبة 71% في الاختبار التحصيلي، وبعد سؤالي له أجابني بأنّه كان يختار الإجابة عشوائياً دون تركيز، فغالبية الأسئلة فوق مستواه الفكري - كما ذكر،
فأين القياس من ذلك .. لهذا لماذا لا يكون هناك قياس حقيقي مبني على أسس علمية لقياس مستوى الطالب، فمثلاً يُقبل الطلاب في الجامعات حسب النسب التي حصلوا عليها في الشهادة الثانوية، ثم تحدَّد السنة الأولى الجامعية لقياس مستوى الطالب والوقوف على مستواه الحقيقي، ويوضع معدَّل تراكمي لذلك، وتكون هذه النسبة بدلاً من الاختبارات الحالية غير المجدية والظالمة في نفس الوقت .. فلربما تم تحقيق العدل بهذه الطريقة.
|