* قانا - بيروت - العواصم - الوكالات:
توعَّد حزب الله وحركة حماس بالانتقام لضحايا مذبحة قانا التي ارتكبتها إسرائيل أمس في جنوب لبنان مما أدى إلى مصرع العشرات بينهم عدد كبير من الأطفال، ولم تكتف إسرائيل بارتكاب المذبحة، بل إنها واصلت قصف الطرق إليها من أجل منع المنقذين من الوصول. وقوبلت المذبحة بإدانات واسعة على طول العالم، وقال الرئيس الفرنسي إن الجريمة التي أقدمت عليها إسرائيل لا تقبل الاعتذار.
وأعلن المسؤول في الدفاع المدني في لبنان سلام ضاهر أن القصف الإسرائيلي على بلدة قانا فجر أمس الأحد أدى إلى مقتل 57 شخصاً بينهم 27 طفلاً.
وفي ملجأ واحد من أصل مبان عدة دمَّرها القصف الإسرائيلي في قانا عثر على جثث أحد عشر طفلاً وخمس نساء وأربعة رجال إلا أن نحو عشرين جثة لا تزال تحت الأنقاض.
وقال ضاهر (إضافة إلى الجثث الـ 57 التي تم انتشالها من تحت الأنقاض هناك ما بين 15 و20 شخصاً لا يزالون تحت أنقاض ملجأ دمره القصف الإسرائيلي ويرجح أن يكون غالبيتهم قتلوا إلا أنه يسمع بعض الأنين).
وكانت عمليات الإنقاذ متواصلة نهار أمس بحثاً عن ناجين محتملين أو لسحب المزيد من الجثث. ويمكن أن ترتفع حصيلة القتلى بعد التمكن من الوصول إلى الملجأ المدمّر.
وأفادت صحافية وكالة فرانس برس أنه في الوقت الذي تتواصل فيه عمليات الإنقاذ في البلدة، حيث دمر القصف الإسرائيلي العشرات من منازلها واصل الطيران الإسرائيلي قصفه المتقطع للطرق المؤدية إلى قانا. وأحدث القصف الإسرائيلي الذي وقع فجر الأحد وتواصل لساعتين من الزمن حسب الشرطة دماراً كبيراً في البلدة. فقد دمّرت عشرات المنازل حسب صحافية وكالة فرانس برس والملجأ الذي لا يزال العمل جارياً لانتشال ناجين محتملين منه يقع تحت بناء من ثلاث طبقات على سفح تلة في البلدة.
وقال أحد سكان البلدة غازي العديبي إن (القصف الأول وقع عند الساعة الواحدة من فجر السبت فخرج بعض الأشخاص من الملجأ. وبعد عشر دقائق وقعت الغارة الثانية التي دمّرت المكان بكامله)، موضحاً أنه (كان هناك 63 شخصاً داخل الملجأ خصوصاً من عائلتي شلهوب وهاشم).
وأوضح ناج آخر من القصف (بعد القصف غطى الغبار المكان بشكل كامل ولم نكن نستطيع رؤية شيء. تمكنت من الخروج من الملجأ قبل انهياره بالكامل. بقي عدد من أفراد عائلتي في الداخل وأعتقد أن أحداً منهم لم ينج).
وأضاف هذا الناجي من أصل خمسة أشخاص فقط خرجوا أحياء من قصف الملجأ إن (القصف كان عنيفاً جداً ولم تتمكن فرق الإنقاذ من التحرك قبل الصباح).
وقالت رباب (أخرجت ابني وزوجي الشيخ محمد الذي كان جريحاً ولما عدت لإخراج ابنتي انهار قسم من الملجأ ولا تزال ابنتي تحت الأنقاض).
وكان قصف إسرائيلي عنيف استهدف خلال عملية (عناقيد الغضب) الإسرائيلية في عام 1996 مركزاً لقوة الطوارئ الدولية كان عدد من السكان المدنيين لجأوا إليه في قانا ما أدى إلى مقتل 105 مدنيين وأثار استياء كبيراً من جانب الأسرة الدولية.
وتزامن قصف قانا مع تعرض عشرات القرى في منطقة صور لقصف عنيف من البحرية والطيران والمدفعية حسب ما أفادت الشرطة.
وأثارت المجزرة ردود فعل فورية قوية في شكل إدانات واسعة النطاق من دول العالم، فيما بلغ الغضب اللبناني مداه وقام متظاهرون غاضبون في بيروت بمهاجمة مقر الأمم المتحدة في بيروت ودخلوا إليه وهم يطلقون شعارات منددة بإسرائيل. وانتزع المتظاهرون الغاضبون حواجز حديدية كانت أمام المقر واستخدموها لتحطيم أبواب المقر. وتدخل الجيش اللبناني لإبعاد المتظاهرين الذين كانوا بالمئات عن المقر. ورشق المتظاهرون المقر بالحجارة وهم يطلقون (فيلتمان اطلع برا) في إشارة إلى السفير الأميركي في لبنان جيفري فيلتمان.
وكانت إسرائيل سارعت، ويديها لا تزال ملطخة بدماء الضحايا، باتهام حزب الله باستخدام بلدة قانا قاعدة لإطلاق الصواريخ على إسرائيل. وزعم المتحدث جاكوب دالال لوكالة فرانس برس أن (حزب الله استخدم قرية قانا قاعدة لإطلاق الصواريخ ويتحمل مسؤولية جعل هذه المنطقة منطقة قتال). وتابع (طلبنا من سكان هذه القرية الرحيل منذ عدة أيام وقلنا إن هذه منطقة قتال... وما دعانا لمهاجمتها هو أن حزب الله يطلق (الصواريخ) من هناك ولذا فإن المسؤولية تقع على حزب الله في هذه القرية). وزعمت إسرائيل من جانب آخر أن جيشها نصح سكان قانا بمغادرتها.
وتوعَّد كل من حزب الله وحركة المقاومة الإسلامية حماس بالانتقام للضحايا، وقال مشير المصري نائب حماس في المجلس التشريعي الفلسطيني لرويترز إنه في وجه هذه الحرب المفتوحة ضد الدول العربية والإسلامية تصبح كل الخيارات مفتوحة بما في ذلك الضرب في (عمق الكيان الصهيوني).
وحين سُئل عمّا إذا كان ذلك يعني القيام بتفجيرات ضد الإسرائيليين قال إن كل الخيارات مفتوحة وإن كل الطرق مسموح بها.
ودان الملك عبد الله الثاني ملك الأردن بشدة المذبحة, ونقل بيان للديوان الملكي الأردني عن الملك تأكيده أن (هذا العدوان الإجرامي يشكِّل انتهاكاً صارخاً للقانون وكافة المواثيق الدولية). وطالب الملك عبد الله الثاني (بوقف فوري لإطلاق النار وأن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته لإيجاد مخرج لهذه الأزمة ووضع حد للعدوان الإسرائيلي وإنهاء معاناة الشعب اللبناني بأسرع وقت ممكن).
كما دان الرئيس الفلسطيني محمود عباس المجزرة، وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس إن عباس (أدان المجازر الإسرائيلية الرهيبة التي ارتكبت في قانا في جنوب لبنان صباح أمس.
كما أدان الرئيس الفرنسي جاك شيراك المجزرة، ووصف في بيان أصدره قصر الأليزيه أمس الاعتداء بأنه (غير قابل للاعتذار)، كما عبَّر عن (صدمته) بعد هذه الواقعة التي تعد (عمل عنف أودى بحياة الكثير من الضحايا الأبرياء).
وقالت الرئاسة المصرية في معرض إدانتها للجريمة (إن جمهورية مصر العربية التي دعت منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي على لبنان لوقف فوري غير مشروط لإطلاق النار تؤكّد الحاجة الملحة لسعي دولي جاد لإصدار مجلس الأمن قراراً عاجلاً لوقف العمليات العسكرية على الفور، وتدعو أعضاء المجلس والدول دائمة العضوية بوجه خاص إلى تحمّل مسؤولياتهم وفق أحكام ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني لوقف العدوان على لبنان وشعبه وبنيته الأساسية ولإتاحة التهدئة الضرورية لتحرك دبلوماسي ينهي مسببات التدهور الراهن في الموقف).
وفي القاهرة أيضاً تظاهر نحو مئة من أعضاء مجلس الشعب المصري (البرلمان) بعد ظهر أمس الأحد احتجاجاً على هذا العدوان.
وأدانت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين المجزرة وقالت في بيان لها إن (مجرمي الحرب الإسرائيليين يرتكبون مجزرة جديدة في إطار حربهم المفتوحة على الشعب اللبناني الشقيق).. إن الدماء البريئة المسفوحة في قرية قانا وصمة عار في جبين المجتمع الدولي الذي يقف صامتاً أمام هذه الجرائم الإسرائيلية.
|