Monday 31th July,200612359العددالأثنين 6 ,رجب 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"مقـالات"

تحليل رضا وحرقة نورة «2-2» تحليل رضا وحرقة نورة «2-2»
عبدالله الصالح العثيمين

في الحلقة السابقة تركَّز الحديث على ما كتبه الكاتب المعروف، الأخ الكريم رضا محمد لاري، في صحيفة الرياض الغرّاء بعنوان (العدوان الثنائي على فلسطين). وفي هذه الحلقة سيكون الحديث باختصار حول ما كتبته الأخت الكريمة نورة خالد السعد في الصحيفة نفسها في العاشر من هذا الشهر بعنوان (هل نحن في مرحلة اللافعل؟). لقد بدأت الأخت نورة - جزاها الله خيراً - مقالتها المفعمة بمشاعر الغيرة الخيِّرة بقولها:
(ما نمرُّ به كلَّ يوم من كوارث؛ سواء في العراق وأفغانستان أو في فلسطين المحتلة، هو نوع من المأساة التي لا يمكن أن نتوقَّع أنّها تمرُّ بنا ونحن نمارس حياتنا العادية وإخوتنا تحت نيران الاحتلال والقتل والتدمير ونساؤهم يُغتصبن من قِبَل الجنود المحتلِّين، ثم يقتلون ويُتَّهم بجرائمهم آخرون).
ثم ذكرت الأخ نورة ما يُرتكب بحقِّ الفلسطينيين الآن؛ مشيرة إلى أنّ كتَّاباً غربيين يدافعون عنهم أكثر مما يدافع عنهم العرب، وإلى عدم رفع عنان، الأمين العام للأمم المتحدة، صوته فيما يتعلَّق بالمعتقلين الفلسطينيين بمن فيهم النساء والأطفال، وإلى سحب النرويج سفيرها من الدولة الصهيونية، في حين يعضُّ بعض العرب بالنواجذ على علاقاتها معها.
وبعد ذلك تحدَّثت عن مسألة الجندي الصهيوني الأسير، وكيف انشغل بها الجميع، في حين تجوهلت جرائم الحرب الصهيونية في شاطئ غزة وقبلها في جنين وأمكنة أخرى. وأشارت إلى نذر هدم الأقصى، وإلى حدوث كلِّ ذلك وبعضنا يلهو بأمور بينها بثُّ مهرجانات لنساء شبه عاريات يغنِّين ورجال يرقصون على هذه الأغاني. وتساءلت هل نحن في شبه غيبوبة أو في غيبوبة؟ وهل ننتظر أن يتحرَّك العدوُّ إلى كلِّ مدينة عربية عندما يعتقل وزراء السلطة الفلسطينية المنتخبة كي يحرَّر هذا الصهيوني المعتقل؟
واختتمت مقالتها متسائلة: هل سيبقى العرب والمسلمون في مرحلة اللافعل والاستسلام لهذا العدوِّ؟
وحرقة الأخت نورة يقدِّرها ويحترمها كلُّ مهتم بأمور أُمّته، التي وصلت إلى ما وصلت إليه من تدهور. ولقد كانت بوادر هذا التدهور قد لاحت في الأفق عندما نجح العدوُّ الصهيوني ومَن وراءه من المتصهينين في إقناع قادة أعظم جبهة عربية؛ بشرياً وموقعاً استراتيجياً، في الخروج من ميدان المواجهة مع ذلك العدوِّ. وكان من نتائج ذلك الخروج أن تشجَّع من الصهاينة في اجتياح لبنان والدخول إلى بيروت عام 1982م. وكان حدوث ذلك الاجتياح دون تحرُّك عربي عاراً أدرك هوله الملك خالد - رحمه الله -.
وإذا كانت المنيَّة قدراً مقدوراً فإنّ من المرجّح جداً أنّ ذلك الزعيم الذي كان على فطرته الدينية وسجيَّته العربية لم يحتمل رؤية العرب يتفرَّجون مع ما كانوا يملكون من جيوش. فكان أن ارتفع ضغطه، وانتقل إلى جوار ربه. ولقد حدثت في ظلِّ الاجتياح الصهيوني لبيروت مذبحة صبرا وشاتيلا. ومن العار أنّ العرب بعامّة لم يحرِّكوا ساكناً، بل إنّ المشرف على تلك المذبحة مجرم الحرب شارون استُقبل من قِبَل البعض بالورود. ولقد عبَّر كاتب هذه السطور عن ذلك بقصيدة على لسان جريح فلسطيني في عيد رأس السنة، عنوانها: (تساؤلات أمام العام الجديد) .. ومما ورد فيها:
كل عام مرَّ بي نهر مصائب
ينقضي عامٌ
ينقضي عامٌ ويمضي
بعده عامٌ وعامْ
وأنا أغرق في نهر المصائب
* * *
وانقضى بالأمس عام
وُئدت فيه أحاسيس الكرامة
علَّمتني فيه أمريكا المهانة
علَّمتني كيف أصغي
لترانيم اليهود
كيف أتلو
عبث التلمود من فوق المنابر
كيف تختار الزعامات
لشارون السجود
كيف تهدي جنده المحتلّ
باقات الورود
صحيح أنّ أكثرية الشعب الفلسطيني انتخبت حركة حماس لتتولَّى مقاليد الحكم بناءً على الطرح الذي قدَّمته لاسترداد الحقوق الفلسطينية والقضاء على الفساد الإداري المتفشِّي. وصحيح أيضاً، أنّ زعامات الغرب؛ وبخاصة أمريكا، لا تريد أن تصل إلى سدَّة الحكم حركة ذات نهج لحمته وسداه دين لا يقبل الدنيَّة والهوان. ولكن من المؤسف والمؤلم حقاً أنّ أكثر الزعامات العربية لا تطيق رؤية حكومة تتَّخذ من الإسلام لها شعاراً ومن مقاومة المحتلِّ لها هدفاً.
ولهذا فإنّ الكيان الصهيوني ليس وحده هو الذي يبذل قصارى جهده في إفشال حركة حماس، ولا أمريكا حليفته وصنوه في العداوة لأُمّتنا؛ ولا سيما في فلسطين؛ بل ولا الحكومات الغربية على العموم؛ وإنّما المأساة أنّ أكثر الزعماء العرب يتعاونون مع أعداء أُمّتنا ضد حركة حماس. وهم بهذا يتحدَّون خيار الشعب الفلسطيني الحر، الذي انتخبها. والأدهى - بطبيعة الحال - أنّ نفراً ممن يشهد تاريخهم بفسادهم الإداري الفاضح من الفلسطينيين أنفسهم، أصبحوا جنوداً مجنَّدة ضد تلك الحركة المقاومة المنتخَبة. الجميع لا يريدون أن يصل ذوو التوجُّه الإسلامي إلى القيادة لأنّ من المحتمل جداً أن تستعاد الإرادة التي فقدتها الأُمّة، وأن تضيع مصالح الفاسدين الذاتية نتيجة ذلك الوصول.
أمّا إجابة كاتب هذه السطور عن سؤال الأخت في آخر مقالتها؛ وهو: (هل سيبقى العرب والمسلمون في مرحلة اللافعل والاستسلام لهذا العدو؟) فهي: أمّا زعماء العرب والمسلمين فيندر منهم من لديهم ثقة بشعوبهم أو لدى شعوبهم ثقة بهم. وإذا عدمت الثقة بين الطرفين فالفعل الإيجابي صعب الحدوث إن لم يكن مستحيلاً. وأمّا الشعوب فمدجَّنة على العموم وإلاّ فأين النقابات في البلدان التي فيها نقابات من التحرُّك الذي يدفع الحكام على العمل الجاد والتخلُّص من ذلِّ التبعيَّة والهوان؟
ولله الأمر من قبل ومن بعد.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved