Thursday 27th July,200612355العددالخميس 2 ,رجب 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"البيعة الأولى"

بيعة حب وإخلاص وطاعة بيعة حب وإخلاص وطاعة

الالتزام بالمنهج الإسلامي وما سنَّه لنا نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - هدي قويم وواجب يعمل به ذو الأحلام والنُهى ممن وعوا مقاصد الشريعة وروعة توجيهها وسمو فكرها، ولقد أحاطت بما يلزم للفرد والمجتمع للعيش ضمن نظام متكامل راعَى للفرد حقَّه وأعطى للجماعة تماسكَها وقوةَ تكوينها، فالفرد يتحرك في مساحة عريضة وحرية فريدة ضمن جماعة بينه وبينها وشائج لا تنفك عراها ولا تتقطع حبال مودتها وترابطها، وقد عبر عن هذه العلاقة رسولنا الكريم فقال: (مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)، فالأعضاء لها حركتها ولكنها على صلة بالجسد لا تنفك عنه، فنظام الحياة في المجتمع الإسلامي قائم على هذا التلاحم عقيدةً وصلةً حميميةً تجعله من أقوى الأنظمة لأن الأمر تعبدي، وعمل فيه التقرب إلى الله وهو ركيزة مهمة ترسي الأساس القوي للنظام بعيداً عن المنافع الشخصية الضيقة للأفراد، فالبيعة عملية بناء صميمة يُثاب فاعلها لأنه يشد من أزر هذا البنيان ويقويه، ويكسب الإثم تاركها لأنه إن لم يفعل كان معول هدم وبؤرة ضعف، فقد أخرج مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ خرج من الطاعة وفارق الجماعة مات ميتة جاهلية) ومن هنا يأتي التفرد في النظام الإسلامي عما سواه من الأنظمة، وفي مبايعة الصحابة للنبي عليه الصلاة والسلام في بيعة الرضوان نموذج يُحتذى ومسيرة تُتبع، قال الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} لقد درج الخلفاء الراشدون على التمسك بهذا النظام فكانت لهم بيعة خاصة لأهل الحل والعقد والمشورة وبيعة عامة لسائر أفراد الأمة، والبيعة لازمة من الفرد لولي الأمر، ففي الحديث الشريف الذي أخرجه مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية) والبيعة ليست مقصورة على الرجال - وإن كانت هي الأصل - فإن للنساء بيعة كما في سورة الممتحنة، ونص بيعتهن فيه النصح لهن وتوجيههن ليكنّ أمهات مربيات حافظات للحقوق الزوجية لهن حقوق وعليهن واجبات.
وقد التزمت المملكة العربية السعودية بنظام البيعة للملك خادم الحرمين الشريفين، يعطي فيها الفرد الانقياد والتأييد للملك وفق الحكم بكتاب الله وسنة رسوله، يبايعه على المنشط والمكره وألا ينازع الأمر أهله، ولن يقوم نظام عدل قائم على مبدأ الشورى إلا وفق هذا المنهج القويم الذي يشترك فيه واجبان؛ واجب المواطنة الصالحة مع الواجب العقدي الملزم لكل راشد عاقل أن يشارك في إرسائه، وفي البيعة - وفق هذا النظام - يظهر التلاحم القوي بين الراعي والرعية بحيث تدفع كلا الطرفين المتبايعين إلى الثقة المتبادلة والعمل الطموح والإنجاز المبدع، فالراعي يجد نفسه مؤيداً بشعبه بعهد قوي ملزم فيبذل قصارى جهده لتنفيذ ما عليه من التزامات وفاءً ومحبةً وعدلاً ومساواةً ورحمةً ومودةً، فهو والد مَنْ لا والد له، وفئة مَنْ لا فئة له، متأسياً بمنهج النبي صلى الله عليه وسلم (مَنْ ترك مالاً فلورثته ومن ترك ديناً وضِياعاً فإليَّ وعليَّ) مبدأ للتكافل الاجتماعي الذي يرقأ كل ثغرة ويقويها فلا ينفذ من خلالها وهن ولا ضعف ويبقى المجتمع كالبنيان يشد بعضه بعضاً.
لقد كانت بيعة الملك عبد الله في العام الماضي بيعة حب وإخلاص وطاعة نبعت من القلوب لما للملك عبد الله من محبة عارمة سكنت في الأفئدة وترجم عنها اللسان طاعة وشكراً وحمداً، فبادل المليك شعبه حباً وعدلاً وعملاً ناجزاً في البناء والتنمية والتطوير في كافة المجالات العمرانية والصناعية والزراعية والعلمية والتربوية، التي كان لها النصيب الأوفر من الاهتمام، فقد وجد الحاجة ماسة لزيادة عدد الجامعات وتوزيعها في أرجاء البلاد، فصدرت الأوامر عن إنشاء جامعة في أبها وأخرى في القصيم وثالثة في حائل ورابعة في المدينة المنورة مع الموافقة على إنشاء جامعات خاصة علمية وتقنية، فكان التعليم وإصلاحه همه وديدنه، فهو يريد أن يبعث في الأمة نهضة تعليمية فائقة متطورة تتخذ لها منهجاً علمياً ومسلكاً تقنياً ضمن ثوابت الأمة من الخلق القويم والعقيدة الراسخة، إضافة إلى العناية والاهتمام بالموهوبين ضمن برامج إثرائية استثماراً منه للعقول الذكية، لأنه يدرك تماماً أن الأمم لا ترتقي إلا بالعقول الواعية المتعلمة من أبنائها، وهو ينظر للأمر هذا نظرة مستقبلية بعيدة يرسي بها الأساس للتعليم المبرمج الذكي، ذلك هو جانب من أعماله التي يصعب أن تحصيها مثل هذه المقالة، وقد قِيل أول الغيث القطر، فما كاد ينقضي عام أو يوشك على الانقضاء حتى رأينا تباشير العمل المبدع والنهضة المباركة والرحمة الأبوية والتلاحم الأخوي القوي الذي حبب الناس بعضهم ببعض، فكان الجميع بنياناً متماسكاً وصفاً واحداً متلاحماً أوجبت عليهم جميعاً هذه النفس الزكية وتلك الإنجازات الرائعة تجديد العهد والبيعة والولاء، فإلى الملك المفدى عبد الله بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين نجدد العهد والبيعة ونعد ببذل الجهد كل في موقعه، فموقعنا في مجال التربية والتعليم يتطلب منا بناء الفرد المتعلم والمواطن الصالح الذي يحمل في المستقبل على كاهله متابعة المسيرة التنموية الشاملة والنهضة العلمية المبدعة.

د. عبدالإله بن عبدالله المشرف
مدير عام مدارس الرياض

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved