لهفي على تلك المنازل هُدِّمتْ
والناسُ بين مُشرَّدِ ومُقتَّلِ
ضاقت بهم سُبُل النجاة وأطبقتْ
عُصَبٌ تسدّ من الدروب وتبْتلي
يا للنساء وقد خرجن تفجّعاً
هل من مُغيث للحمى أو مُعولِ
يَمْدُدن أيديهن في عَرْضِ الفضاء
على رجاء خائب وتوسُّلِ
ضاع الصدى في كل أفقٍ ضائعٍ
بين الغيوم تلبّدت لم تنجلِ
لمْ يبقَ إلا نظْرةُ الطفْل التي
تاهَ السؤال بها وإن لم يَسْألِ
عيناه تائهتَان: أين وعودُهم
أين الشعارات التي لم تنزِلِ
قالوا نُحررها من النَّهر
القريب إلى البحار، مِنَ الجنوب لِشمْألِ
ماجت على عينيه دَمْعةُ حيرة
وندتْ على شفتيه أنةُ مُذْهَلِ
حتى إذا هاج الأسى وتفجرتْ
أحزانه، فيقول: يا عينُ اهمُلي
* * *
فكأنّني قد ضِعْتُ بينَ مُزَمّر
غنّى هواه لنا وبين مُطبِّل
مَنْ كان يدفع هؤلاء لمَعرك
لا طاقة لهم وما من مَأْمَلِ
مَنْ كان يَدْفَعُ هؤلاء ولم يكن
لهُمُ من الإعداد أيُّ تأهّلِ
قالوا: توكّلنا! وكيف يصح
دون النّهْج والإعداد أيُّ توكُّلِ
* * *
حتّى إذا حَمِي الوطيسُ وجد
حتى لم يعدْ في الأمر ظِنّةُ مَهزلِ
صرخوا ونادَوْا يا شُعُوبُ تكلمي
يا مجلسَ الأمن العزيز فأقْبلِ
يا دارَ أوروبا حنانك! أشفقي
يا دارَ أمريكا أطلّي واعجلي
يا روسيا! هلاّ نظرتم حالنا
شعباً يذبّح بالمدى والمقْصَلِ
قلنا كما شِئْتُم: نريدُ سلامةً
ومفاوضاتٍ في أمان أعْدلِ
قلتم لنا ناموا! فنمنا! قلتم
قوموا فقمنا طاعة المتذلِّل
طُوفوا على الدنيا كما شئتم فهل
من مسعف للعاجز المتسوِّلِ
اليوم نجني من حصاد جريمة
لما ركنا للعود الأجْيَل
والله قال رُويدكم لا تركنوا
للظالمين ولا لقوم مُيَّلِ
هذا الصراط المستقيم أمامَكُم
لا يستوي وسبيل نهجٍ أميلِ
يتنزّلُ النصْر العزيز على
الذين مَضَوا على هذا الصراط الأعدلِ
لجؤوا إلى الله العزيز وأسلموا
لله أمرهم على نهج جَلي
أوفوا بعهد الله حقّ أمانةٍ
وعبادةٍ وخلافةٍ لم تُجْهَلِ
وعمارةٍ للأرض بالإيمان
والتوحيد عزمَ الصادق المترسِّلِ
صفَّاً يُرصُّ! ولا يُفرّقُ أُمّةً
تمضي على صِدْق الولاء الأوّلِ
صفّاً يُرصُّ! ولا يُمزِّقُ عَزْمَه
شُعَبُ الولاءِ ولا شتاتُ العُذّلِ
صَفّاً يُرَصُّ على ولاء واحد
لله فُصِّل في الكتاب المُنزّلِ
عَهْداً وميثاقاً أبرّ مع التُّقى
يَمْضي على عزم الوفاء الأجْملِ
إن لم تَقُمْ في الأرض أُمّة أحمد
خَابَ الرجاءُ وضاعَ كُلُّ مُؤَمَّلِ