على رغم أنني من أشد المعجبين بالكثير من الكاريكاتيرات التي يرسمها الأخ هاجد في الصفحة الأخيرة من جريدة (الجزيرة) إلا أنني أعتب عليه في بعض ما يرسم، ومنها ما رأيت في عدد (الجزيرة) 12336 وهو يصور واقع المراكز الصيفية كما فهمت من رسمه بأنها تنتهج أسلوب الترهيب مع الطلاب من خلال زيارة مغاسل الموتى والمقابر، وكأنه ينتقد ذلك العمل الذي هو من أعظم ما يجعل المرء يزهد بالدنيا من خلال تذكر الموت الذي لا مفر منه في وقت يحتاج فيه الإنسان إلى التذكير والصحوة من الغفلة والوعظ والإرشاد، وكفى بالموت واعظاً.. فهل يريد أن يحرم أبناء المسلمين من ذلك الوعظ الذي يجعلهم يفكرون في العودة إلى ربهم متذكرين مآلهم ومقرهم بعد الموت، مبتعدين عن كل ما يبعدهم عن طاعة ربهم؟! صحيح أن الأندية الصيفية في الأساس هي معقل للترفيه والتسلية والترويح عن النفس بالترغيب، لكن يجب ألا تكون في كل ساعاتها كذلك، بل لا بد فيها من التربية والتعليم والتثقيف والوعظ والإرشاد والترهيب، وما يفعله الإخوة العاملون فيها كما وصفهم وصورهم هاجد بالكاريكاتيرات جزء من عملهم في الأندية، فأبناؤنا يحتاجون لمن يرسم لهم طريق النجاة، ويذكرهم بما ينفعهم في دينهم ودنياهم وما فيه النفع والفائدة لبلدهم، ولا أظن أن وضع برنامج زيارة مغاسل الموتى والمقابر للطلاب فيه حرج، أو سيكون تأثيره عليهم سلبياً، بل على العكس سيكون تأثيره إيجابياً، وسيجعل الكثير منهم يتأثر بما يرى، والموت أكبر واعظ للإنسان كما أخبر بذلك رسول الهدى، بل كلنا نحتاج لذلك الوعظ والتذكير في هذه الحياة التي انشغلنا فيها عن طاعة ربنا بالملذات والشهوات حتى أنستنا ذكر الموت، وهذا ورب الكعبة منهج المصطفى عليه الصلاة والسلام والصحابة والتابعين والسلف الصالح على رغم صغر سن الكثير منهم، فقد كانوا يذكِّرون أنفسهم بالموت بزيارة المقابر كلما أحسوا بالغفلة والبعد عن طاعة الله، حتى إن أحد السلف الصالح - رحمه الله - حفر في بيته حفرة كلما أحس بالغفلة والبعد عن الله نزل بها وتلا قول الباري جل وعلا: {حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}.وهذا عثمان بن عفان رضي الله عنه يبكي عند القبر أشد البكاء متذكراً قول الحبيب عليه الصلاة والسلام: (القبر أول منازل الآخرة، فمن نجا منه فما بعده أيسر منه)، أو كما قال عليه الصلاة والسلام. فنحن وأبناؤنا بل وجميع المسلمين، وبخاصة في هذا الوقت الذي كثرت فيه الفتن، بحاجة إلى الوعظ والإرشاد، والموت أكبر واعظ للإنسان. جعلنا الله من المعتبرين المتعظين، وسدد على الخير خُطى الجميع، شاكراً للقائمين على جريدة (الجزيرة) إتاحة هذه الفرصة لي للتعبير عن رأيي فيما رسم أخي العزيز هاجد.
صالح عبد الله الزرير التميمي الرس ص. ب 1200 |