المكرم رئيس تحرير صحيفة الجزيرة الأستاذ خالد المالك المحترم.
جاء في العدد 12334 الخميس 10 جمادى الآخرة 1427هـ خبر عن انخفاض كبير في أسعار الشقق المفروشة نتيجة الإقبال الضعيف من مصطافي الطائف هذا العام. ثم استطرق العرض حتى أتى على إجراءات أصحاب الشقق العديدة لمعالجة انخفاض الإقبال من قبل المصطافين.
وكان مما ذكر من تلك الإجراءات تخفيض اسعار السكن من 300 إلى 150 ريالاً في شقق وأجنحة مفروشة فاخرة، تقع على شوارع رئيسة وعامة، كانت تؤجر في مثل هذا الموسم بأكثر من 300 ريال في بعض الأيام. وكان من بين تلك الإجراءات إجراء عملية نظافة يومية.
نتوقف كثيراً عندما نقرأ مثل هذه المعلومات المغرية جداً للسياحة الداخلية.. ونعود الى الماضي البعيد الذي لا يتجاوز (أسبوعاً) واحداً فقط.. لنتذكر أنه كان لا يوجد (مقر) مكان للإقامة مكون من خيمة منصوبة بإيجار يقل عن 150 ريالاً.. أمام ما يسمى بالشقق والأجنحة المفروشة الفاخرة والتي أسعارها بحدود ما بين (300 الى 380) ريال فهي عبارة عن غرفة واحدة، ودورة مياه واحدة، وممر يوصل من باب المدخل الى الغرفة.. وبأثاث يزكم الأنوف من الروائح الكريهة المختلفة، وعليك كساكن أن تدفع 300 ريال عن كل أربع وعشرين ساعة، وان تقوم بتنظيف السكن قبل وبعد السكن. أما من حيث النظافة اليومية فحدث ولا حرج..
إذا أراد الملاك وهيئة السياحة الداخلية تفعيل وتنشيط السياحة الداخلية فعلاً، فعليهما أن تحسبا حساباً صحيحاً.. فالسائح السعودي في واقع الأمر اذا كان يصحبه اثنان من ابنائه بنت وولد أعمارهما أكثر من عشر سنوات يحتاج الى (جناح فاخر) مكون من غرفتين احداهما له ولابنه، والثانية لوالدة الولد والبنت. وهذا الجناح في أطراف مدن المصايف، والمدن المسماة مدن سياحية كجدة، لا تقل اسعارها عن 550 ريالاً لكل اربع وعشرين ساعة.
فإذا أخذ في الاعتبار أن الغرف المكونة من غرفة واحدة بمساحة لا تزيد عن 2.25م2 وحمام، أقل سعر لها في الساعة الواحدة (وحدات تؤجر بالساعة) وجزء الساعة محسوب بسعر الساعة بخمسة وشعرين ريالاً، وهو سعر يذكر بكوب الشاي بخمس ريالات، وهو سعر لا يتقرر إلا في جدة فقط، فحينما تكون ماراً بجدة وتريد الجلوس أمام البحر لتستريح وتسمتع بمنظر البحر، تضطرك ظروف طبيعية لدخول احد المنتزهات التي احتكرت مجرد مشاهدة البحر، لتدفع خمسة ريالات ثمن لكوب من الشاي. وإذا أردت أن تقضي حاجتك فدخول الخلاء لإراقة الماء بجدة بخمس ريالات.. والله يعين الذي معه سبعة أو ثمانية من الأطفال وكلهم طبيعتهم تستدعي دفع خمسة ريالات عن كل منهم.. وحينما تغري المناظر المغرية لملاعب الأطفال في المنتزهات الخاصة والقرى السياحية..
وتدخل المنتزه وإياهم.. تجد قنينة الماء ذات ريال واحد خارج القرية يباع بثلاثة ريالات، وقارورة العصير ذات الريالين خارج القرية السياحية أيا كان اسمها وموقعها بستة ريالات. كنت منذ زمن طويل مضى في تلك المصايف والمدن السياحية فقط مضى على تركها 48 ساعة فقط.. ما علمت انني سأكتب عن هذا الموضوع مرة أخرى بعد مرات عديدة في مواسم سابقة كررت الكتابة عنها، حتى أيقنت بحكمة البيت الشعري القائل: (لقد أسمعت لو ناديت حياً....). لو كنت اعرف انني سأكتب عن هذا الموضوع لحسبت كم انفقته في قرية سياحية في ليلة واحدة وبصبحتبي أربعة أطفال. ولكنني على يقين أن ما انفقته يعادل قضاء اسبوع كامل برفقة الأطفال الأربعة في اندونيسيا، مع ان البحار تحيط بها من كل جانب، ولا يوجد فيها من يملك البحر والشواطئ. فما بال مصروف رحلة لمدة عشرة أيام عندما تضطرك ظروف البؤس المرور بالطائف وجدة.
إبراهيم الطاسان الخبرا
|