عيناي تدمع والفؤاد كسير
احترت يا رباه أين أسير
وظللت أنظر في الوجوه وأرتجي
فرجا من الرحمن فهْوَ قدير
أما الطبيب فجاء يغرز خنجرا
بين الضلوع فوضعها لخطير
الضغط منخفض وفيها علة
توحي بأن مقامها لقصير
حدقت فيها برهة من لوعتي
وجزمت أن لقاي ذاك أخير
يحيي العظام رميمة وبفضله
قد عاد للإبصار وهْوَ ضرير
وهرعت عصرا للمصحة خلسة
من لوعتي أماه كدت أطير
وطرقت أبواب العناية علني
أحظى بأمي واللقاء عسير
قالوا: تراها ودعت، قلت: اصبروا
علّ الذي قد مسها تكفير
نصح الطبيب بأن نعود لبيتنا
ودمي يزمجر في العروق هدير
كيف السبيل لترك أمي وحدها
وهْيَ التي لي في الظلام تنير
أأسير وحدي والجروح نوازف
وبغير إسعاف الهلال أسير؟
أماه قد عفت الحليب فلم يكن
لحليب أمي في الطعام نظير
أماه حرمت المراضع بعدكم
من غير صدرك علقم ومرير
ليت البكاء يرد فينا أمَّنا
لصرخت حتى قيل: ذاك زئير
وتركْتِ أمي في حياتي فرجة
ستظل تدمى والفؤاد أسير
أماه قد قصرتُ حتما فاصفحي
عني فقلبي مرهق وحسير
قصرتُ في حق الحبيبة فهْوَ في
عينيّ دمع لا يجف غزير
لا لا تلوموني بحب حبيبتي
مهما بدا مني فذاك يسير
أدعو لوالدتي برفعة منزل
عن وصف أمي يقصر التعبير
أسامرها فتسمعني وأفرح
إذا ابتسمت ويؤلمني الزفير
ألن أُلقي برأسي فوق صدر
ولن ألثم يديها يا مجير
أجر أمي من النيران تحظى
برضوان وملبسها حرير
لمن أشكو هموما تعتريني
ومن لي بعدها فهي السمير
لها قلب يفوق الطفل طهرا
يحب الناس للضعفا نصير
لها روح تشع الخير فينا
وثغر باسم وجه نضير
تعاف النوم من أجلي كثيرا
يطول الليل ليل زمهرير
يدثرني غطاؤك في شتاء
وناء بجهدك القلب الكبير
وتسقيني الدوا ترجو شفائي
وحملي والرضاعة ذا كثير
وتحملني على الأكتاف رأسي
تدثره إذا اشتد المطير
تهدهدني على الكتفين أمي
وتسهر والفراش لها حصير
فلا كدّرتِ نومي في حراك
وآثرتِ الهدوء فلا صرير
تهدهدني لأنعم في منامي
كأن الصوت في أذني خرير
وتحملني يدثرني غطاها
على الأكتاف إن جد المسير
حنون القلب لم تبخل علينا
وفي أعطافها الورد العبير