عرفنا فضل حامل القرآن، وما له من المنزلة العظيمة عند الله -عزّ وجلّ - فقد أخرج البخاري (5027) من حديث عثمان -رضي الله عنه- أنه قال: (خيركم من تعلّم القرآن وعلمه)، أي أفضلكم الذي جاهد نفسه في حفظ القرآن الكريم، وفهم معانيه، وتفسير آياته، ثم يعلمه غيره، ويوضح مجمله، ويدعو الناس إلى العمل به، فالجامع بين تعلّم القرآن وتعليمه مكمل لنفسه وغيره، جامع بين النفع القاصر على نفسه، والنفع المتعدي إلى غيره.
ومن فضائله أن القرآن نور وذخر لصاحبه، روى ابن حبان عن أبي ذر - رضي الله عنه- أنه قال: قلت: يا رسول الله أوصني، قال: (عليك بتقوى الله، فإنها رأس الأمر كلّه)، قلت: يا رسول الله زدني، قال: (عليك بتلاوة القرآن فإنه نور لك في الأرض، وذخر لك في السماء).
ومن فضائله أن حامل القرآن يحشر مع السفرة الكرام البررة، أخرج الترمذي (2904) عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرؤه وهو عليه شاق له أجران).
ومن فضائله الثواب الجزيل لتاليه، أخرج الترمذي (2910) عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول (ألم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف). وأخرج أيضا (2926) عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: (يقول الرب -تبارك وتعالى-: من شغله القرآن عن ذكري ومسألتي أعطيته أفضل ما أُعطي السائلين، وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه). ومن فضائله الشفاعة لأهله، أخرج مسلم (804) عن أبي أمامة الباهليّ قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (اقرؤوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه..). هذه بعض فضائل القرآن وفضائل تاليه، فهل هناك أعظم من هذا الجزاء في الدنيا والآخرة؟ وهل هناك أفضل ما تصرف إليه الهمم وتستغرق فيه الأوقات، وتفنى فيه الأعمار من تلاوة القرآن الكريم وتدبره؟ وهل يوفق إلى تلاوته وحفظه والعمل بما فيه إلا عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا: سلاما؟
(*) دمشق |