Sunday 16th July,200612344العددالأحد 20 ,جمادى الثانية 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الرأي"

البيوت أسرار البيوت أسرار
نادر بن سالم الكلباني

في البيوت العامرة بما يمكن أن نصفه بالحياة السعيدة وتلك البيوت التي على وشك أن تنهدم أو في طريقها إلى الخراب والتي لم تعد المكان المناسب لاستمرار الحياة السعيدة فيها.. تحدث وتكرر نفس المصائب والمشكلات ونفس اللحظات السعيدة والصور الجميلة والقبيحة ونفس الممارسات الحركية أو الحسية الإيجابية منها والسلبية، وتوجد فيها تقريباً نفس المنغصات والمسببات التي تجعل الحياة بشكل أو بآخر تبتعد عن المسارات التي يرجى أن تسير الأمور فيها ويسعى الناس إلى تحقيقها، وتوجد فيها وإن بنسب متفاوتة نفس المبادرات والممارسات التي إما تساعد على تحقيق السعادة واستمرار عمار البيوت وإما تولد التعاسة والنفور على الرغم من اختلاف البيوت والتباين في المفاهيم والثقافات والشعور بالحب بين ساكنيها.
وأياً كانت نظرتنا أو تقييمنا أو تصنيفنا للبيوت وساكنيها.. فما يحدث فيها من امور تكبر وتصغر وتتسبب في جرح المشاعر وإلحاق الأذى دون تحديد نوعه.. تتشابه وتتوافق في نوعها وشكلها وتكرار حدوثها وإن قيل عن هذا البيت بيت سعيد وقيل عن الآخر خلاف ذلك.
فالشك والغيرة والتسلط أو الاستبداد بالرأي والأنانية والبحث عن السعادة الذاتية دون اهتمام بمن يسكن البيت وعدم توافق الرغبات والاهتمامات وربما القناعات وما يترتب عليها من سلوك ومواقف وكل ما يمكن أن يذكر كوسيلة لتعزيز المشارع التي تعمق التواصل واللحظات السعيدة وغيرها أو تحقق ما يقيضها موجود تقريباً في كل بيت سواء كان هذا البيت حسب تصنيفنا له بيتا سعيدا أو غير ذلك، والفرق الوحيد الذي يبقي هذا البيت قائماً ويفرض على الآخر التفكك هو ظهور وتسيد هذه المشكلات والمتاعب على ما سواها لاختلاف بسيط في قدرات ساكنيه على التكيف مع واقع الحال والرضا به بالتحفظ والتكتم على مشكلاتهم وإخفاء ما يمرون به والبحث عن مجالات أخرى للتعويض عما فقدوه وحرموا منه.
فعندما يكثر تغيب الرجل أو المرأة عن البيت سواء كان هذا الغياب غياباً جسدياً بالهروب من التواجد مع شركاء السكن لأطول مدة ممكنة أو غياباً ذهنياً وحسياً في عدم جدية المشاركة أو عدم الاهتمام واللامبالاة تحت أي مبرر فتأكد أن في البيت حتى وإن بدا في مظهره بيتاً سعيداً مشكلة كبيرة، وأن هذه الحال لا ترضي الطرف الذي فضل السلبية والهروب، لكنه استطاع أن يتكيف معها وهيأ الظروف لبدائل تتناسب وحجم القيم والمبادئ التي يؤمن بها فاستمرت الحياة بما يمكن أن يوهم الآخرين بالسعادة وعدم وجود المنغصات حتى إذا لم يعد هناك بديل عن الهروب وفرضت الظروف مواجهة الحال بانت المشكلة وظهرت على السطح وتفكك البيت وانهدم.ما أريد قوله للذين يعانون في بيوتهم أن المشكلات التي تؤرقك في بيتك.. هي نفس المشكلات التي تؤرق ساكني كل البيوت مع اختلاف بسيط في كمها وكيفها، وأن السبيل الوحيد لإبقاء الحياة مستمرة بما يحقق الحد الأدنى من تطلعاتك هو الرضا والقبول بأن تتكيف مع كل مشكلاتك قبل أن تسعى إلى حلها، فحلول المشكلات قد تكشف لك جوانب أخرى لا ترغب في اكتشافها تولد بدورها مشكلات أكبر قد لا تستطيع التكيف معها، وبالتالي من الممكن أن يفقد بيتك الاستقرار الشكلي القائم الآن.. والله المستعان.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved