سُلّي الحقيقة سيفاً، يكشف التُّهما
من ذا الذي لم يكن بالجرم متهما
وزلزلي ما استطعت الأرض وانبعثي
ناراً تمزق فوق الظالم الظلما
كوني السعير الذي يغشى مجالسنا
يفجر الثأر فيما بيننا حكما
كوني الضجيج الذي يدمي مضاجعنا
يبدد الخوف حتى يوقظ الحُلما
واستنطقي الدمع إن أجرى الصباحَ أسى
واستوقفي الخطب إن أجرى الدموع دما
دماً يمور وقد دسّ الظلام يدا
تذرو الشقاق فنجني طلعه نِقما
نبكي لأنا فقدنا فيك نخوتنا
والدين والمجد والأخلاق والشيما
وعزة أنزلتنا من منازلها
عزا فكانت لنا فوق السماء سما
تلك المروءات عشنا في متارفها
نرعى بها فوق ما يهوى الخلود حمى
ولا نرى دونها إلا جماجمنا
ولا نرى فوقها إلا الضحى علما
أين الشهامة صانتها ضمائرنا
عهداً متيناً ولم نخفر لها ذمما
نبكيك يا طفلة الإسلام مزّقها
علج ترعرع في الفحشاء مغتلما
يكاد يجهل من في الناس والده
فلا يقدِّس أعراضاً ولا حُرما
نبكيك يا صرخة فينا مدوية
لم تلق في لجة الطغيان معتصما
ولم تجد سيداً حراً إذا ارتعدت
طوى إليها قفار الشوك منتقما
ولا كريماً سخي النفس منتَجبا
وقد وقفنا على لذاتنا الكرما
باتت كتائبنا تحمي شوارعنا
وتشعل الخوف في أفواهنا حُمما
ولم نزل نحشد الدنيا ونملؤها
عساكراً لا نراها تشحذ الهمما
ولم نزل نتوارى عن مواقفنا
ومن توارى عن الأحداث ما سلما
عذراً عبير إذا خارت عزائمنا
وقد عقرنا كما شاء الهوى القيما
وغادرتنا الليالي سُكارى في مفاتنها
حتى شربنا بها تحت اللظى الألما
هان الهوان علينا حين أقعدنا
عن الجهاد وعن عز الجهاد عمى
وحاصرتنا على ذل مطامعنا
فأثمرت في متاهات الجوى عدما
نمسي ونصبح لا ينشق عن أمل
فجر قريب ولا نُجري به قلما
وقد تداعت على أقداسنا أمم
وكم أضأنا بأقداس السنا أمما
عفواً عبير وقد جفت محاجرنا
تجتر بغداد من بعد الفرات ظما
هذا هو العار تغزونا جحافله
حتى غدونا لدى أعلاجه خدما
مضيتِ لكننا باقون في نفقٍ
نبغي النجاة ولا نرقى لها قمما
قد تشرق الشمس يوماً في مرابعنا
وقد يزمجر فيها الثأر منتقما