(نقص الخبرة) عبارة رددها مدربو ومسؤولو المنتخبات الخمسة التي مثلت القارة السمراء في نهائيات النسخة الثامنة عشرة من كأس العالم لكرة القدم المقامة حالياً في ألمانيا حتى التاسع من تموز- يوليو المقبل وودعتها مبكراً باستثناء غانا التي نجحت في تخطي الدور الأول قبل أن تخرج من الثاني على يد البرازيل.
وباتت إفريقيا مطالبة أكثر من أي وقت مضى بوضع حد لهذا التبرير الذي لا يجدي نفعاً لأن الجماهير الإفريقية سئمت من سماعه دائماً وفي كل عرس عالمي وباتت فكرة المشاركة من أجل المشاركة غائبة عن أذهانها حتى إن بعضها أصبح يفقد الأمل قبل انطلاق المنافسات وهي التي ترغب في مشاهدة أحد منتخباتها على الأقل في الأدوار النهائية على غرار مسابقات الناشئين والشباب ولما لا إحراز اللقب العالمي للمرة الأولى في التاريخ.
وتأتي ضرورة التخلص من عامل نقص الخبرة لأن القارة السمراء ستكون مسرحاً لنهائيات النسخة التاسعة عشرة بعد 4 أعوام وهي فترة كافية لاكتساب الخبرة اللازمة ومقارعة المنتخبات الكبيرة حتى يكون المونديال إفريقياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى سواء من حيث التنظيم أو التتويج.وإذا كان هناك مسؤول عن الخروج المبكر للمنتخبات الإفريقية من المونديال بسبب نقص الخبرة فهو لن يكون سوى المدرب أو المسؤولين عن الاتحادات المحلية وذلك لسبب واحد هو أنهم يتفادون خوض مباريات ودية إعدادية مع منتخبات كبيرة تتفوق عليها فنياً وتكتيكياً وخبرة أيضاً.
ويعمد أغلب المدربين إلى خوض مباريات إعدادية مع منتخبات توازي أو تقل مستوى عن المنتخبات التي يشرفون على إدارتها الفنية وذلك حتى يضمنوا الفوز لإقناع الجميع على أن فرقهم في وضع جيد وفي الوقت نفسه يتفادون الانتقادات من وسائل الإعلام والبقاء في مناصبهم ليشرفوا على فرقهم في العرس العالمي ويحققوا أمنية أي مدرب لأن الأهم بالنسبة إليهم هو أنهم نجحوا في قيادة الفرق في النهائيات أما ماذا سيحصل في المونديال فلكل حادث حديث.
ولسان حال المسؤولين في الاتحادات المحلية الإفريقية لا يختلف عن المدربين، فهم يطلقون التصريحات النارية قبل العرس الكروي بأن كل الإمكانات رصدت لتأمين استعداد جيد وتحقيق نتائج جيدة، لكنهم يقفون على الواقع المر في النهائيات ولا يجدون مبرراً سوى نقص الخبرة أو يعلقون فشلهم على الحكام أو بعض التفاصيل الهامشية كالمكافآت وبعض الإصابات أو الإيقاف مع أنهم يملكون 23 لاعباً في التشكيلة.
وتطرح أحياناً أسئلة كثيرة حول ما يقصده المدربون من عبارة (نقص الخبرة)، فأغلب لاعبي تشكيلات المنتخبات الإفريقية محترفون في أوروبا ويملكون الخبرة الكافية على اعتبار لعبهم أو منافستهم نجوماً عالميين في البطولات الأوروبية.
وأظهر المونديال الألماني إلى حد بعيد حاجة المنتخبات الإفريقية إلى المباريات الإعدادية (الثقيلة) بالنظر إلى العروض الجيدة التي أبهرت بها منتخباتها المتتبعين وقهرت بها أقوى المنتخبات العالمية وخصوصاً ساحل العاج وغانا فالأولى كانت قاب قوسين أو أدنى من التغلب على الأرجنتين وهولندا وخسرت أمامهما بصعوبة وبنتيجة واحدة (1 -2) قبل أن تحقق فوزاً معنوياً على صربيا (3 -2).
أما غانا فوقفت نداً عنيداً أمام الإيطاليين قبل أن تخسر أمامهم بصعوبة (صفر-2) ثم تغلبت على تشيكيا (2 -صفر) التي كانت مرشحة إلى بلوغ أدوار متقدمة في النهائيات فكانت سبباً في خروجها مبكراً ومن الدور الأول، وفازت على الولايات المتحدة (2 -1) مفاجأة المونديال الآسيوي قبل 4 أعوام ببلوغها الدور ربع النهائي، لكن قدرها أوقعها مع البرازيل حاملة اللقب وخسرت (صفر-3) في مباراة أحرجت فيها أبطال العالم وخصوصاً في الشوط الأول.
وبدوره وقف المنتخب التونسي سداً منيعاً أمام المنتخب الإسباني وكان في طريقه إلى تحقيق فوز ثمين عليه عندما تقدم عليه بهدف وحيد منذ الدقيقة الثامنة قبل أن ينهار في الدقائق العشرين الأخيرة وتستقبل شباكه 3 أهداف، ثم أعاد الكرة ذاتها أمام أوكرانيا واستسلم في الدقيقة 70، وحذت أنغولا حذو تونس وأحرجت البرتغال في المباراة الأولى وخسرت أمامها بصعوبة (صفر-1)، ثم انتزعت تعادلاً ثميناً من المكسيك (صفر- صفر) وآخر من إيران (1 -1)، وكانت توغو قاب قوسين أو أدنى من الفوز على كوريا الجنوبية وتقدمت عليها (1 - صفر قبل أن تخسر 1 -2 في الدقائق الأخيرة)، ثم سقطت أمام سويسرا وفرنسا بنتيجة واحدة (صفر-2) لكن النتيجتين لا تعكسان سير المباراتين.
ولم يكن أشد المتفائلين يتوقع نتائج جيدة من المنتخبات الإفريقية في المونديال الألماني وخصوصاً أن أربعة منها تُشارك للمرة الأولى في النهائيات وهي أنغولا وتوغو وساحل العاج وغانا لكنها خالفت التوقعات وتحديداً غانا التي بلغت الدور الثاني وأنقذت ماء وجه القارة السمراء وحافظت على تقاليدها في العرس العالمي منذ عام 1986م والمتمثل في اجتياز الدور الأول. وكان المغرب أول منتخب إفريقي يتخطى الدور الأول في النهائيات العالمية عندما حقق ذلك في مونديال المكسيك قبل أن يخسر أمام ألمانيا، وحذت حذوه الكاميرون عام 1990م في إيطاليا ببلوغها ربع النهائي، ونيجيريا عامي 1994م في الولايات المتحدة و1998 في فرنسا ببلوغها ربع النهائي وثمن النهائي على التوالي، والسنغال عام 2002م في كوريا الجنوبية واليابان معاً ببلوغها ربع النهائي.
|