تدور بي خواطري وأنا أتجول في شوارع وميادين مدينة بريدة قبيل الزيارة الكريمة، تلك المدينة الحالمة قلب القصيم النابض وقاعدته وملتقى مدنه وقراه وقد تحوّلت تلك الشوارع والميادين إلى ورش عمل مختلفة تنسج لبريدة أغلى الحلل وتنظم لها أثمن العقود فوقفت دائرة استعراضي وعجلة خواطري عند جمال العمل وروعة اللمسات وسرعة الإنجاز.
إنه عمل رائع وعظيم ما كان له أن يكون بهذا الجمال وتلك الروعة لو لم يصاحبه رغبة جادة في إظهار المدينة بشكل يليق بمناسبتها الغالية والسعيدة.
وما كان له أن ينتهي بهذه السرعة لو لم يكن وراءه جهد مبذول وعطاء مميّز ومساندة جادة وفاعلة ومتابعة قوية.
كنت أطوف بمدينتي بريدة ليلة بعد ليلة وأقول لنفسي يا ترى هل سينتهي العمل قبل تلك الليلة أقصد الليلة الغالية على الجميع ليلة اللقاء المنتظر. خاصة أنه لم يبق إلا ساعات ليست بالكثيرة حتى هذه الساعات أراها تتقلَّص ربما لأن الشوق إلى لقاء الضيف الكريم قد بدأ يسرقها فأخذت بالتناقص واحدة بعد الأخرى ولم يبق منها إلا ساعات قليلة. وفي الحقيقة لا أدري أهي الساعات تجري بسرعة أو أن حبي لمدينتي ورغبتي في أن يراها ولي الأمر عروساً لبست كامل زينتها واكتست أغلى حللها استعداداً لضيفها الذي سوف يحل على أرضها ويدشن بعد اكتمال الزينة شوارعها أو أن حرصي الزائد قد أخافني من عدم اكتمال العمل في موعده.
أرى الرجال تشتغل والرقابة تشتعل والعمل يتسع والساعات تركض والإنجاز يتلاحق والصورة تتضح وليلة الزفاف تقترب.
إنها الليلة المنتظرة ليلة لقاء الشعب بقيادته ليلة لقاء الملك بأبناء شعبه صرت أدور في الشوارع أتأمل العمل وأتمنى له أن يكتمل هذا ديدني وهذا خوفي حتى رأيت شوارع بريدة وميادينها مزانة بصور ملك الإنسانية وولي عهده ورأيت الإبداع في رفعها ونشرها قد بلغ حده.
كل هذا قد بان واتضح بعد أن اكتست المدينة حللها الزاهية ولبست عقودها الراقية استعداداً لاستقبال ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين أعانه الله وولي عهده الأمين حفظه الله.
والحمد لله تم اللقاء على أجمل صورة وصار حفل العرس في أحلى مقصورة مدينة الملك عبدالله بن عبد العزيز الرياضية ببريدة وهي مدينة كيفها لامع واسمها ألمع ثم قبضنا المهر الثمين المتمثِّل في التلاحم الرائع والرضاء الواسع والحب المتبادل والجمعة المباركة التي بشّرتنا بالمشاريع الخيِّرة والكبيرة وهي مكارم ملكية أرضت الجميع وكملت فرحتهم برؤية قائدهم خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين زادت فيها إلى أن بلغت الفرحة حدها أو فاضت عن قياسها حتى طفحت من أطرافها وسفحت من حوافها، فالفرحة والله قد عمَّت الجميع وعلامات الرضاء واضحة على وجوه الجميع، فلقد رأيت الناس يرفعون أكفهم إلى السماء يدعون لملك القلوب الملك الصالح المحبوب ورأيت الناس يصطحبون أطفالهم معهم ويقفون بهم على مداخل الطرق ليروا مليكهم وليزرعوا في أبنائهم روح المحبة والإخلاص والولاء لحكومتنا الرشيدة وقيادتنا الحكيمة.
فمرحباً بضيفنا الكريم وشكراً لقائدنا العظيم ودعاء من القلب مستديم لولي أمرنا وراعي نهضتنا وفارس مستقبلنا الواعد الجديد الملك عبدالله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين، حيث وعد حفظه الله بخير عميم يدخل كل بيت ويستفيد منه كل مواطن على هذه الأرض الطيِّبة وانتهت الزيارة المباركة الميمونة بحمد الله وتوفيقه وكانت زيارة كريمة وبشائرها والحمد لله أكيدة.
وبعد انتهاء الزيارة الموفَّقة وقفت بي الدائرة مرة أخرى ولكن وقوفها هذه المرة غير تلك المرة وقوفها وقوف إعجاب بإنجاز قد تم وعمل قد اكتمل وأتى أكله والحمد لله ووقوف إعجاب براعي ذلك الإنجاز ومدبره من أول الأمر إلى آخره.
سألت نفسي يا ترى من يكون وراء كل هذا الإنجاز فردت علي نفسي مَن تظن غيره قد يكون إنه مهندس اللمسات وأستاذ الإبداعات صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة القصيم ولا غرابة في ذلك فهو الأمير الذي نراه دائماً يعمل بصمت وحكمة فيأتي عمله قمة في الإبداع وروعة في العطاء لا يستطيع إنسان أن يتخيله أو يقيمه حتى يكتمل العمل بالصورة التي رسمها له هو، فيتضح بعد ذلك لك فتراه عملاً شامخاً راسخاً متكاملاً يعجب الناظر إليه.
فمن الأعماق نعترف بجمائلك يا فيصل ومن الأعماق نشكرك يا فيصل ومن الأعماق نقول لك يدنا بيدك يا فيصل ونحن قد سبرناك قبل ذلك وخبرناك فقد كنت فينا من سنين ومنحتنا وقتك الثمين ومنطقة القصيم كلها تعترف بأفضالك فقد أعطيتها كل وقتك وكل عقلك وكل جهدك ولم تكل حفظك الله أو تتعب، بل تواصل العمل تلو العمل حتى بانت آثار أفعالك الحميدة ومساعيك الرشيدة على المنطقة بشكل كبير ولم تتوقف تلك المساعي والآثار عن الانتشار، بل نجدها تزيد عاماً إثر عام وتتجلَّى صورها عاماً بعد عام وخلال هذه الأعوام لم نرك يومًا قد اكتفيت بإنجاز عن إنجاز، بل تلحق الإنجاز بإنجاز وترسم بعده لإنجاز. فهنيئاً لنا بك يا فيصل وهنيئاً لك برضاء القيادة والناس عنك يا فيصل وجعل الله لك في ساعدك الأيمن فيصل بن مشعل خير عون وفقكما الله جميعاً والسلام.
|