وأصدق من ذلك قول الله تعالى {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ}(185) سورة آل عمران، وروى المصطفى صلى الله عليه وسلم أنّه قال: جاءني جبريل عليه السلام وقال عش ما شئت فإنّك ميت وأحبب من شئت فإنّك مفارق واعمل ما شئت فإنّك مجزي به واعلم أنّ شرف المؤمن قيام الليل وعزه استغناؤه عن الناس وهذه الدنيا لا تدوم على حال لأنّ هذا من المحال، لقد اتصف - رحمه الله - (محمد بن علي الحبيش) بصفات جعلت من يعرفه ما يملك إلاّ أن يحبه ويدعو له رحمة الله عليه .. فهو كالجمل في الصبر بل أشد من الجمل، فهو كالجبل في تحمُّله وصبره، فقد تحمّل المسؤولية وهو صغير حينما توفي والده وتوظّف ليترك دراسته رغم أنّه من الطلاب المجتهدين ليتحمّل مسؤولية إخوانه ليصبح لهم بمثابة الوالد ثم بعد ذلك تحمّل مسؤولية تربية أبنائه فهو لهم بمثابة الوالد والأخ والصديق، كما ذكر ذلك ابنه الأكبر علي فيقول هذا ليس والداً فقط وإنّما والد وصديق ويذكر أحد أصدقائه في الطفولة وهو رشيد السملق والذي تأثر كثيراً من موت صديقه فيقول بنبرة حزينة لقد فقدت هذا الصديق الذي هو بمثابة الأخ والصديق .. لقد عرفته منذ صغره بجده فهو لم يعرف الصبوة التي تمر على الشباب وإنّما كانت حياته جادة لا يعرف الهزل محافظاً على الصلوات في أوقاتها على بقية شعائر الدين صادقاً في تعامله فقد عُرف عند مكاتب العقار بالصدق فهو لا يعرف المراوغة والكذب. وكان يتصف بالبشاشة في وجه كل من يقابله وعُرف بمداعبة الأطفال الصغار كأبناء إخوانه وأخواته وأقاربه.
كان باراً بوالدته التي لم تسل عن تذكره فقد كان باراً بها - رحمه الله -، أمّا جيرانه فكان دائم السؤال عنهم وعن أحوالهم، وحينما ذكر إمام المسجد الذي يصلي به خبر وفاته لجماعة المسجد أصابهم الحزن والأسى على فراقه فأصبح بعضهم ينظر إلى بعض ويقول بعضهم لقد شاهدته هذا اليوم ومنهم من يقول لقد صلّى بجواري.
صلِّي عليه بجامع عتيقة وقد صلى عليه خلق كثير وهذه إن شاء الله علامة خير نسأل الله الذي جمعنا به في هذه الدنيا أن يجمعنا به في دار كرامته.