Friday 23rd June,200612321العددالجمعة 27 ,جمادى الاولى 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الرأي"

في وداع رجل الخير والدعوة سعد بن إبراهيم الحيدر في وداع رجل الخير والدعوة سعد بن إبراهيم الحيدر
عبدالعزيز بن زيد آل داود

هذه أقدار الله..نرضى بها ونسلم مؤمنين تمام الإيمان أن الموت قدرنا جميعاً صغيرنا وكبيرنا، وأننا أموات أبناء أموات، وأن هذه الحياة كدر كلها، كما قال الشاعر العباسي أبوالحسن التهامي:


حكم المنية في البرية جار
ما هذه الدنيا بدار قرار
بينا يرى الإنسان فيها مخبراً
حتى يرى خبراً من الأخبار
طبعت على كدر وانت تريدها
صفواً من الأقذاء والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها
متطلب في الماء جذوة نار
فالعيش نوم والمنية يقظة
والمرء بينهما خيال سار
فاقضوا مآربكم عجالاً إنما
أعماركم سفر من الأسفار
إني وترت بصارم ذي رونق
أعددته لطلابه الأوتار
والنفس إن رضيت بذلك أو أبت
منقادة بأزمة الأقدار
يا كوكباً ما كان أقصر عمره
وكذاك عمر كواكب الأسحار
إن يحتقر صغراً فرب مفخم
يبدو ضئيل الشخص للنظار
إن الكواكب في علو محلها
لترى صغاراً وهي غير صغار
ولد المعزى بعضه فإذا انقضى
بعض الفتى فالكل في الآثار
أبكيه ثم أقول معتذراً له:
وفقت حين تركت الأم دار

كلما تذكرت هذه الفواجع وهذه الآلام وفقد الأحبة ورحيلهم ازددت قناعة أن هذه الحياة ديدنها الكدر وطابعها الفقد والرحيل وبالأمس القريب ودعنا أخا حبيباً وإنساناً نبيلاً وداعية كريما إنه الأخ الشيخ سعد بن إبراهيم الحيدر رحمه الله رحمة واسعة، هذا الإنسان الزاكي فؤادًا وضميراً وسمتاً، ونبيل طبعاً وخلقاً ومعاملة، والكريم منطقاً وبشاشة وأريحية قل مثيلها هذا الإنسان الخلوق الطيب يودع الدنيا بكل هدوء وصمت بعد رحلة دعوية زادت على (30) عاماً، متنقلاً بين الحريق (محافظته التي عاش فيها) ومحافظة حوطة بني تميم ومدينة الرياض.
عرفته قبل (27) عاماً مفضالاً وإنساناً رائعاً. نلتقيه في محافظة الحريق ويكرمنا هو وصحبه الكرام الذين عاش معهم في دعوة وخير ومواصلة للأصحاب وكيف أنسى استضافته السنوية والدائمة في كل رمضان يدعونا إلى منزله في الحريق ونلتقي والده - رحمه الله - وإخوته في إفطار رمضان الكريم، ثم ننتقل إلى أحد المساجد لصلاة التراويح، ثم نلتقي في دور أصحابنا الأكرمين، نتذاكر الخير ونقرأ ما تيسر من القرآن، ثم بعض الكتب الدعوية والتربوية، العالية لغة، والسامقة بياناً. بل كان لا يمر عام إلا ويكرمنا ويدعونا إلى دارهم في الحريق أو الرياض - غفر الله له.
ومن جميل تعامله: علاقته الرائعة مع فضيلة الشيخ الجليل عبدالله بن حسن بن قعود - رحم الله الجميع - وصحبته له. كان دائماً معه في زيارات تفقد ومواساة واطمئنان على مريض، وسؤال عن شيخ وطالب علم.
إن من جميل ما أعرفه عن الشيخ الراحل: أريحيته الفائقة ودماثة خلقه وحرصه على زيارة أصدقائه وزملائه والسؤال عنهم وفرحه بلقائهم ومشاركته في أفراحهم ومشاطرتهم في أحزانهم.
ومما يحمد لهذا الإنسان النبيل: سؤاله الدائم عن أحوال أهلك وأولادك، ودوام السؤال عن أبنائك المرضى، بشكل يشعرك وكأنهم أبناؤه رحمه الله.
لقد عمل الشيخ سعد - رحمه الله - معلماً في الحريق، ثم في مدينة الرياض، متنقلاً بين المراحل الابتدائية والمتوسطة الثانوية، كما عمل إماماً وخطيباً لجامع (الحصيني) بمدينة الرياض.
وفي جنازة مهيبة ودّع الشيخ الجليل هذه الدنيا بعد عمر حافل بطاعة الله والدعوة والبر والخير، إذ توفي عصر الجمعة الموافق 13-5-1427هـ في حادث طريق مؤلم على طريق حريملاء، وكان برفقة الكرام (عبدالله بن محمد بن عبدالله المهنا وأحمد الموسى وسويلم السلمان).
رحم الله من مات منهم وأكرم الله بالصحة والعافية من أصيب وقد صلى عليه خلق كثير من أحبابه وأصحابه امتلأ بهم مسجد الأمير عبدالله بن محمد في عتيقة وقد وارى جثمانه الطاهر في مقبرة جنوب الرياض جموع غفيرة، لهجت له بالدعاء الصادق وطلبوا المغفرة من الله له وأن يثبته عند السؤال وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة، آمين.
والناس شهداء الله في أرضه، كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه عبدالعزيز بن صهيب قال: سمعت أنس بن مالك - رضي الله عنه - يقول: (مروا بجنازة فأثنوا عليها خيراً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وجبت ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شرا فقال: وجبت فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما وجبت؟ قال: هذا أثنيتم عليه خيراً فوجبت له الجنة وهذا أثنيتم عليه شراً فوجبت له النار. أنتم شهداء الله في الأرض) أخرجه الإمام البخاري.
وهذا ما عبر عنه القول المأثور (موعدكم يوم الجنائز) هذه الحشود التي وارته الثرى تشهد أن الرجل كان عمله للخير ووقته للطاعة وجهده للبر وللإحسان وصلة الأقارب رحمه الله تعالى.
إنني إذ أعزي أهله جميعاً وإخوته (عبدالله وعبدالعزيز ومحمد وعبدالرحمن وحسن) وأبناءه (إبراهيم وأسامة وقيس وعبدالله وناصر ومحمد) وبناته الكريمات فإنني أعزي أصدقاءه الخلص (سعود بن ناصر الكثيري وعبدالله بن راشد التمامي وراشد ومحمد أبناء زيد بن جدوع ومحمد بن ناصر التمامي)، وجميع محبيه وزملاءه.
داعياً للفقيد بالرحمة والمغفرة وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved