فلا عجب ولا غرو أن تتحدث عن شخص تحبه وتقدِّره وتجلُّه، فلا عدوان عليك، ولا غريب كذلك أن يكون المكتوب عنه شخص تتفق على حبه وكريم خصاله أنت وشخصك أو أنت ومن يوافقك على أفكارك، ولكن العجب العجاب، أن تكتب أو تتحدث عن شخص تكاد الأُمّة أن توافقك أو على الأقل لا تثربك أو تخالفك، وعزيز في هذه الأزمان أن تجد شخصاً يجمع بين خصال كريمة وسجايا حميدة ويتفق كلُّ من قابله أو سمع عنه على حبه والثناء عليه.
ففضيلة الشيخ الدكتور ناصر البراهيم المحيميد رئيس محاكم منطقة عسير، الشخص الذي أريد أن أكتب عنه وأخطّ بيميني كتاباً تبياناً للواقع الذي عاصرته، يوم أن كنت عضواً قضائياً في منطقة عسير وفي مركز طريب ضمن ما يربو على تسعين محكمة تحت رئاسته، وتشرَّفت بذلك، فمن هو الشيخ ناصر؟ لا تسألوني! واسألوا منطقة عسير سراتها وتهامتها .. جبالها وسهولها، من يكون الشيخ ناصر المحيميد؟ سلوا أمراء عسير ووزراءها .. سلوا قضاتها ومشايخها ودعاتها .. بل سلوا أهل عسير وسألوا من هم أصحاب الهيئات، وأهل الحاجات .. سلوا مظلوماً عسيرياً نصره المحيميد، أو مسلوباً أعاد حقه أو مسكيناً وقف بجانبه، أو يتيماً ساند يتمه، أو أرملة كفكف دمعتيها حرارة على فقد زوجها، أو فقيراً جائعاً ساعد على إطعامه وكفَّ جوعه وفاقته، وكم من عسير من أهل عسير ساعده في تيسير عسره وتسديد دَيْنه، وكم وكم ... ...
فلقد عرفت فضيلته منذ عام 1421هـ في أول لقاء بيننا في مقر رئاسة المحاكم العامر في مدينة أبها فوجدته للخلق مبرزاً، وللسماحة إماماً، وللتواضع متوّجاً).
إن كنت تسأل عن العلم وعدم التعالم فالشيخ يتبوؤه .. وإن سألت عن العقل والحكمة (ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً) فالشيخ أهله، أمانة وتقوى، جلداً وصبراً، وإن تعجب فعجبك لقلبه الكبير الذي وسع أهله وأولاده وزملاءه وجيرانه وكل من يلقاه من البشر، فاللِّين قوله، والحكمة تصرُّفه، والحلم أمره، والرِّفق ديدنه والبصيرة ممشاه، له أيادٍ مشرقة على المنطقة وأهلها، قضاء ودعوة وإعماراً، من كلِّ خير قريب، ومن كلِّ شر بعيد، له من الله التوفيق، ووضع له الباري القبول، إذا رأيته أحببته، تهاب فيه ورعه، وتتشرّف بلقائه، تعجب من سعة صدره ورحابته، قوي بلا عنف، كريم بنفسه وجاهه، جواد بماله، شمل كرمه البعيد قبل القريب، رأيته أكثر من مرة ينفق إنفاق من لا يخشى الفقر في كل مناسبة دعوية كانت أم اجتماعية، خمس سنوات قضيتها مع فضيلته في تلك المنطقة حتى أراد الله أن أغادرها فكان عليّ لزاماً أن أردّ لأهل الفضل فضلهم، ولأهل الإحسان إحسانهم وشيخنا رجل ليس بشخص عادي جمع تلك الصفات، ومما لا أذكره الشيء الكثير، فإني لأغبط أهل عسير وأرجو أن يقتدي به كل مسؤول يريد تقوى الله عز وجل، فمديح الأحياء أمر أقرّه الشرع لا سيما إذا أمل أن يكونوا قدوه صالحين أمثال الشيخ المحيميد .. أحسبه كذلك ولا أزكيه على الله .. وإذا أردت أن تعرف الشيخ، فاسأل الذين عاصروه وسعدوا بخدمته وصحبته وأنا من الذين قصروا في حق أنفسهم وفي حق الشيخ الكريم وأحرجته كثيراً بظروف مرت على محكمتنا آنذاك فلم أجد منه إلاّ الكرم في السماحة والتعقُّل والرجاحة وإني لأتمنى أن يكون قدوه للقضاة ورؤساء المحاكم المسؤولين الذين هم نواب عن ولي أمر المسلمين.
شيخنا حسن المعاملة مع الخاصة والعامة والصغير قبل الكبير والزميل وصاحب الحاجة، كرم ودماثة خلق، وأمانة، وانضباط وبشاشة، وإنجاز عمل ونزاهة وعدل، وتجرُّد وصبر وحلم وأناة وكلمة طيبة، وإقالة عثرة، ومحو زلة، وسلاسة تعامل وبُعد نظر وسلامة فهم وتفكير، وعقل راجح .. فنعم الرجل الشيخ الوقور في المكان المناسب فهنيئا لأهل عسير شيخهم، فيا أهل عسير عضّوا عليه بالنواجذ وأكرموه وادعوا له، ولا تؤذوه في نفسه ومن يحب، وفي كلٍ خير والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: ( ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم).
أجزل الله لشيخنا المثوبة والأجر وزاد له في فضله وبسط له في رزقه وثبّتنا وإيّاه على الحق والهدى والصواب .. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
لئن رفع الغني لواء مال لأنت لواء علم قد رفعتا وإن جلس الغني على الحشايا لأنت على الكواكب قد جلستا |
ص. ب: 8339 الرمز البريدي: 11482 |