موضة الاستراحات.. من الموضات المتأخرة.. التي خلفت موضة المزارع.. تلك الموضة التي جعلت سعر المزرعة الصغيرة يصل إلى ثلاثة ملايين ريال.. حتى صار سعرها اليوم - بعد انتشار الاستراحات - لا يتجاوز مائة ألف ريال.
** لقد أعقب موضة المزارع.. موضة الاستراحات تلك التي انتشرت في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ.. وتحولت كل الأحياء والمخططات الجديدة إلى أحواش باسم استراحات.
** فهذه استراحة متواضعة للغاية.. حوش (بْلُك) حتى غير مليَّص أو مدهون.. وأبواب قطع حديد مأخوذة من الحراج.. ثم ينقل فيها كل ما زاد عن بيته وبيوت معارفه.. بمعنى أنه يجمع فيها كل (القراشيع) التي ينوي رميها أو لا تصلح لشيء.
** وهناك استراحة تشبه فنادق خمس نجوم أو هي تفوقها.. والتي ربما كلف متر البناء فيها ثلاثة آلاف ريال أو أكثر.
** أما ترتيب الزراعة والتشجير.. فتقوم عليه شركات متميزة كبيرة.. وهي أيضاً.. بأسعار خيالية.. حتى إذا انتهى من تجهيزها وجد نفسه صرف أكثر من عشرة ملايين وربما أكثر. وقد يخرج لها مرة في الشهر.. أو ربما.. مرة كل ستة أشهر.. وربما كل سنة مرة.. وهي التي تمتلئ عمالة وتجهيزات وتشجيراً وخضرة ومسابح ومساكن.. وغرف نوم ومجالس.. وكل شيء مهيَّأ.. لكن لا يوجد أحد يرتادها.. و(ما هان مدخاله.. هان مخراجه).
** وهناك بعض الأشخاص.. لديه أكثر من استراحة.. فتجد له استراحة في الشمال، وأخرى في الشرق.. وثالثة على بعد عشرين كيلو متراً.. وواحدة وسط البنيان.. وينوي هدمها وتحويلها إلى فيلا أو عمارة.
** أما الأحياء الجديدة.. والمخططات الجديدة.. فهي أحواش استراحات.. كل بحسب جهده ومقدرته.. فهذا ركب ماطوراً.. وهذا ركب ماكينة صغيرة.. وهذا (يزرقها) في النهار فقط، ويهرب قبل غروب الشمس.. وهذا يبني منذ ثلاث سنوات وعجز عن إتمامها.. وهذا ما زال يفكر في تحويل الأرض التي اشتراها كاملة بخمسة آلاف إلى استراحة.. وهكذا.
** المشكلة.. أن أكثر الذين يتجهون إلى الاستراحات هم من فئة الدخول المتواضعة.. لأن أصحاب الدخول الكبيرة (الأثرياء) لا يحتاجون إلى استراحات.. لأن وقتهم أولاً.. مضغوط للغاية، وليس عندهم متسع من الوقت مثل ذلك المسكين.. الذي ينشغل (خمس ساعات الدوام) فقط.. والباقي (فاضي).. هذا غير الخميس والجمعة.
** أما ذلك الثريّ.. فهو إذا (فضى) أو أخذ إجازة.. عرف أين يروح وأين يقضيها.
** هذه الاستراحات.. فوق ما فيها من الفوائد.. لها مساوئ كثيرة.. ابتداءً من أنها تجمع الشباب في لقاءات سيئة.. إلى أنها ضمّت بعض أفراد الفئة الضالة ووجدوا فيها جحوراً لغيّهم.. ثم أنها ساعدت بعض الآباء على ترك وإهمال بيوتهم وأولادهم أكثر الوقت.
** ثم أنها أيضاً.. ساعدت بعض الشباب على الدخول في عالم المدخنين والمشيشين.. وأمور أخرى.. نسأل الله العافية.
** نعم.. هذه الاستراحات.. لها وعليها.. ومن محاسنها.. أنها نفست عن الناس.. في مشكلات إقامة الاحتفالات الصغيرة والكبيرة.. وخلصتهم من مشكلات قصور الأفراح واستغلالها.. وهكذا صالات الفنادق.. وصارت هذه الاستراحات متنفساً لكل من أراد إقامة احتفال.
** أما المحاسن الأخرى.. فقليلة.. وهي بسيطة.. مقارنة بمساوئها ومشكلاتها وأخطارها.
** كان الله في عون من يتابعها.
|